كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 33)

وعن أبي رجاء الحاجّيّ قال: سمعتُ شيخ الإسلام عبد الله الأنصاريّ يقول: أبو عبد الله بن مَنْدَهْ سيّد أهل زمانه.
وقال شيخ الإسلام في بعض كُتُبه: أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني أحفظ مَن رأيت مِن البشر.
وقال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول: كتاب أبي عيسى التِّرْمِذِيّ عندي أفْيَد من كتاب البخاري ومسلم.
قلتُ: لِمَ؟
قال: لأنّ كتاب البخاري ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلّا مَن يكون مَن أهل المعرفة التّامّة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبيَّنها، فيصل إلى فائدته كلّ واحدٍ من النّاس من الفُقَهاء، والمحدِّثين، وغيرهم [1] .
قال ابن السّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله الأنصاريّ، فقال: إمام حافظ [2] .
وقال في ترجمته عبد الغافر بن إسماعيل [3] . كان على حظٍّ تامّ من معرفة العربيّة، والحديث، والتّواريخ، والأنساب، إمامًا كاملًا في التّفسير، حَسَن السّيرة في التَّصوُّف، غير مشتغلٍ بكَسْبٍ، مُكْتَفيا بما يباسط به المريدين [4] والأتباع من أهل مجلسِه في السَّنة مرَّة أو مرّتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوفٍ من الدّنانير، وأعدادٍ من الثّياب والحُلِيّ، فيجمعها، ويفرقها على القصّاب والخبَّاز، وينفق منها، ولا يأخذ من السّلاطين ولا من أركان الدّولة شيئًا. وقلَّ ما يُراعيهم، ولا يدخل عليهم، ولا يُبالي بهم. فبقي عزيزًا مقبولًا أتمّ من الملك، مُطاع الأمر، قريبًا من ستّين سنة، من غير مزاحمة.
__________
[1] في الأصل: «وغيرهما» ، والمثبت عن: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 59.
وانظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1189، وسير أعلام النبلاء 18/ 513.
[2] المصدران المذكوران.
[3] قوله ليس في (المنتخب من السياق) ، وهو في: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 64 باختلاف يسير في الألفاظ.
[4] في الأصل: «المؤيّدين» ، والمثبت عن: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 64.

الصفحة 61