كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 33)

ودَبوسيّة: بلدة بقرب سَمَرْقَنْد.
كان من كبار أئمّة الشّافعيّة، متوحدًا متفرِّدًا في الفقه والأصول واللُّغة والنَّحو والنَّظر والجدل. وكان حسن الخَلْق والخُلُق، سمْحًا. جوادًا كثير المحاسن. قدِم بغداد، وولي تدريس النّظاميّة. تفقّه عليه جماعة من البغداديّين، ومن الغرباء.
وأملى ببغداد مجالس.
سمع: أبا عَمْرو بن عبد العزيز القنطريّ، وأبا سهل أحمد بن عليّ الأبِيوَرْديّ، وأبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو غانم مظفّر البَروجِرْديّ، ومحمد بن أبي نصر المسعوديّ المَرْوَزِيّ، وآخرون [1] .
تُوُفّي ببغداد في شعبان، وهو من ذرّيّة الحسين الأصغر بن زين العابدين
__________
[ () ] هذه النسبة إلى الدبوسية، وهي بليدة من السغد بين بخارى وسمرقند. (الأنساب 5/ 273) .
[1] طوّل ابن السمعاني في نسبه وساقه إلى الإمام عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. وقال: «كان متوحّدا في الفقه والأصول واللغة والعربية، وولي التدريس بالمدرسة النظامية، وكانت له يد قوية باسطة في الجدال وقمع الخصوم. وقد شوهد له مقامات في النظر ظهر فيها غزارة فضله.
وكان عفيفا كريما جوادا» . (الأنساب 5/ 275) .
وقال ابن النجار: كان من أئمة الفقهاء، كامل المعرفة بالفقه والأصول، وله يد قوية في الأدب وباع ممتد في المناظرة ومعرفة الخلاف. وكان موصوفا بالكرم والعفاف وحسن الخلق والخلق.
قدم بغداد في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وأربعمائة للتدريس بالمدرسة النظامية، فدرّس بها يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة من السنة، ولم يزل على التدريس إلى حين وفاته.
وقال ابن السمعاني: سمعت من أثق به يقول تكلم الدبوسي مع أبي المعالي الجويني بنيسابور في مسألة فآذاه أصحاب أبي المعالي حتى خرجوا إلى المخاشنة، فاحتمل الدبوسي وما قابلهم بشيء، وخرج إلى أصبهان فاتفق خروج أبي المعالي إليها في إثره في مهمّ يرفعه إلى نظام الملك، فجرى بينهما مسألة بحضرة الوزير فظهر كلام الدبوسي عليه، فقال له: أين كلابك الضارية؟
وقال السبكي: وكان قد انتهت إليه رئاسة الشافعية مع التفنّن في أصناف العلوم وحسن المعتقد.
وقال عبد الرحمن بن الحسن بن علي الشرابي: أنشدنا أبو القاسم الدبوسي لنفسه:
أقول بنصح يا ابن دنياك لا تنم ... عن الخير ما دامت فإنك عادم
وإن الّذي لم يصنع العرف في غنى ... إذا ما علاه الفقر لا شك نادم
فقدّم صنيعا عند يسرك واغتنم ... فأنت عليه عند عسرك قادم
(طبقات الشافعية الكبرى 4/ 6، 7) .

الصفحة 92