كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 34)

واستعفى، وانزوى بالقرافة [1] . وكان مُسْنِد مصر بعد الحبّال.
وقال الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ: شيخ معتزل في القرافة، لَهُ عُلُوٌّ في الرّواية، وعنده فوائد. وقد حدَّثَ عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ، وكنّى عَنْهُ بالقرافيّ [2] .
وقال غيره: كَانَ يبيع الخِلَع لملوك مصر.
قَالَ ابن الأَنْماطيّ: سَمِعْتُ أبا صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه القضاعيّ المحدث بمصر: سَمِعْتُ العالم الزّاهد أبا الحَسَن عليّ بْن إِبْرَاهِيم ابن بِنْت أَبِي سعْد يَقُولُ: كَانَ القاضي أبو الحَسَن الخِلَعيّ يحكم بين الْجِنّ، وأنّهم أبطئوا عَلَيْهِ قدر جُمعة، ثمّ أتوه وقالوا: كَانَ في بيتك شيء من هذا الأُتْرُجّ، ونحن لا ندخل مكانًا [يكون] [3] فيه.
قَالَ المحدث أبو الميمون عَبْد الوهّاب بْن وردان، فيما حكى عَنْ والده أَبِي الفضل، قَالَ: حدَّثني بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهريّ ابن الواعظ قَالَ: كنت أتردّد إلى الخِلَعيّ، فقمت في ليلة مُقْمرة ظننت أنّ الفجر قد طلع، فلمّا جئت باب مسجده وجدت فَرَسًا حَسَنَة عَلَى بابه، فصعدت، فوجدت بين يديه شابًا لم أر أحسن منه، يقرأ القرآن، فجلست أسمع، إلى أن قرأ جزءًا، ثمّ قَالَ للشيخ: آجرك اللَّه. فقال لَهُ: نفعك اللَّه.
ثمّ نزل، فنزلت خلفه من علو المسجد، فلمّا استوى عَلَى الفرس طارت بِهِ، فغشي عليَّ من الرُّعْب، والقاضي يصيح بي: اصْعَدْ يا أبا الفضل.
فصعدت، فقال: هذا من مؤمني الجنّ الذين آمنوا بنصيبين، وإنّه يأتي في الأسبوع مرةً يقرأ جزءًا ويمضي [4] .
قَالَ ابن الأَنْماطيّ: قبر الخِلَعيّ بالقرافة، يُعرف بقبر قاضي الجن والإنس، ويُعرف بإجابة الدّعاء عنده.
__________
[1] القرافي: نسبة إلى القرافة، وهي المقبرة الكبرى بظاهر القاهرة بسفح المقطّم.
[2] وفيات الأعيان 3/ 317.
[3] إضافة على الأصل من: سير أعلام النبلاء 19/ 76.
[4] سير أعلام النبلاء 19/ 76.

الصفحة 128