كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 34)

ومن شِعر عميد الدولة.
إلى مَتَى أنت في حِلٍّ وتَرْحال ... تبغي العُلَى والمعالي مَهْرُها غَالي؟ [1]
يا طالبَ المجدِ، دونَ المجدِ مَلْحَمةٌ [2] ... في طَيِّها خَطَرٌ بالنّفسِ والمالِ
وللّيالي صُرُوفٌ قلّ ما انْجَذَبَتْ ... إلى مُرادها في سعي ولا مال [3]
__________
[1] في الخريدة: «غال» ، والمثبت يتفق مع (الفخري) .
[2] في الأصل: «ملجمة» .
[3] في الخريدة ورد هذا الشطر هكذا:
«إلى مراد امرئ يسعى لآمال»
والأبيات في: خريدة القصر 1/ 91، والفخري 297.
وقال ابن العماد: كان ذا شهامة وصرامة، وحصافة وفصاحة، وحماسة وسماحة. له من الوقار والهيبة ما لم يعرف في غير الطود الأشمّ، والبحر الخضمّ. ورد مع فخر الدولة أبيه بغداد في أيام القائم بأمر الله سنة أربع وخمسين، وولي أبوه الوزارة، وكان بميّافارقين يخدم بني مروان، ثم كاتب أمير المؤمنين وبذل بذولا، وأخرج إليه نقيب النقباء طراد الزينبي، فقرّر معه ما أراد تقريره. ثم خرج معه كأنه مودّع له، وتمّ إلى بغداد، وتولّى وزارة القائم، وبقي فيها إلى آخر عهد القائم، ومعه ولداه أبو منصور، وأبو القاسم زعيم الرؤساء. فلقّب هذا عميد الدولة. وكان ينوب عن والده. فلما عزل أبوه في أيام المقتدي بعد ما وزر له سنين سنة إحدى وسبعين، خرج عميد الدولة إلى نظام الملك واسترضاه، وعاد إلى بغداد وتولّى الوزارة مكان أبيه.
وخرج أبوه عن السلطان ملك شاه لفتح ديار بكر ومحاربة ابن مروان في ميافارقين، وكان فتحها على يده. وبقي في وزارة المقتدي إلى أن عزل، وتولّى الوزير أبو شجاع، ثم وزر للمقتدي باللَّه بعد عزل أبي شجاع ثانيا، ووزر بعد وفاته للمستظهر باللَّه، وعزل مرة وأعيد إلى الوزارة، وعزل في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وعاش بعد ذلك.
وله مقطّعات حسنة، فمنها له، وأورده السمعاني في الذيل:
يقول صديق باللسان مخاتر ... كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
فأمّا إذا ما رمت شخصا معيّنا ... من الناس موجودا، فذلك متعب
(الخريدة ج 1/ 870- 91) و «مخاتر: مخادع» .
وقال ابن طباطبا:
كان القائم والمقتدي يرسلانه في رسائل إلى السلاطين فتنجح على يده. وكان فاضلا حصيفا، فاستحلاه نظام الملك وزير السلطان، وكان يعجب منه ويقول: وددت أني ولدت مثله. ثم زوّجه ابنته. واستوزره المقتدي وفوّض الأمور إليه. ثم عزله فشفع له نظام الملك فأعيد إلى الوزارة. فقال ابن الهبّارية الشاعر يهجو عميد الدولة:
لولا صفيّة ما استوزرت ثانية ... فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
صفيّة بنت نظام الملك الوزير التي تزوّجها عميد الدولة.
ثم وقع بين عميد الدولة وبين سلاطين العجم وقعة فطلبوا من الخليفة، ثم أخرج ميتا فدفن،

الصفحة 169