كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 34)

وثلاثمائة [1] وقد دخلت بغداد في الرّابع والعشرين من شوّال، فسَاعَةَ دخولي لم يكن لي شُغل إلّا أنّ مضيت إلى ابن البَطَر، وقد حكمت عَلَيْهِ، وكان شيخًا عِسرًا فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك.
فقال: اقرأ. وجعل موضع الرّاء من اقرأ غَيْنًا [2] . فقرأتُ عَلَيْهِ وأنا مُتِكئ لأجل دمامل في موضع جلوسي. فقال: أبصِر ذا الكلب يقرأ وهو متّكئ! فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه. وقرأت عَلَيْهِ سبعةً وعشرين حديثًا، وقمت. ثمّ تردّدتُ، وقرأت عَلَيْهِ خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك.
تُوُفّي ابن البَطَر في سادس عشر ربيع الأوّل [3] .
وقد أنبا بلال المغيثيّ [4] عَن ابن رَواج [5] ، عَن السِّلَفيّ، عَنْهُ، بجزء «حديث الإفك» ، للآجُرِّيّ. وروى هذا الجزء أبو الفتح بْن شاتيل [6] ، وهو غلط من بعض الطلبة وجَهْل، فإنّ أبا الفتح لم يلْحقه.
وقال السّمعانيّ: كَانَ أبو الخطّاب يسكن باب الغربة [7] عند المشرعة [8] ،
__________
[1] وقال ابن السمعاني: وكانت ولادته في سنة سبع أو ثمان وتسعين وثلاثمائة. (الأنساب 9/ 134) .
[2] في الأصل: «عينا» بالعين المهملة.
[3] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا ثقة. سمع الحديث من أصحاب المحاملي، وعمّر حتى انفرد في وقته بالرواية، ورحل إليه طلبة الحديث وتزاحموا عليه. (الأنساب 9/ 133) .
[4] في الأصل: «المغني» ، والتصحيح من (معجم شيوخ الذهبي 1/ 154 رقم 200) فهو:
بلال بن عبد الله الأمير الكبير حسام الدين أبو الخير الحبشي الخطي المغيثي الجمدار، ويعرف بالوالي. ربّى ملوكا وأولاد ملوك، وكان وافر الحرمة له أوقاف وبرّ، وفيه حبّ للرواية وعنده سفائن أجزاء عن ابن رواج وغيره. مات بعد الهزيمة في رمل مصر سنة 699 هـ.
[5] في الأصل: «ابن رواح» بالحاء المهملة، وهو غلط.
[6] في الأصل رسمت: «شاسل» .
[7] الغربة: أحد أبواب دار الخلافة ببغداد. (معجم البلدان 4/ 192) . وقال ابن السمعاني:
الغربي: بفتح الغين المعجمة والراء وفي آخرها الباء الموحّدة. هذه النسبة إلى محلّة ببغداد مما يلي الشط يقال لها: باب الغربة ملاصق دار الخلافة. (الأنساب 9/ 132، 133) .
وقد تحرّفت في (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 240) إلى «باب الغرمة» !
[8] المشرعة: هي سبيل الماء.

الصفحة 206