كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 35)

قَالَ ابن الأثير [1] : عملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، عُلوّ البرج سبعون ذراعًا، وفيه ألف رَجُل، فألصقوها بالسّور [2] .
وكان نائب المصريّين بها عزّ المُلْك [3] ، فأخذ المسلمون حِزَم حطب، وكشفت الحُماة بين أيديهم إلى أن وصلوا إلى البرج، فألقوا الحطب حوله، وأوقدوا النّار فيه، واشغلوا الفرنج عَنِ النّزول مِن البرج بالنُّشّاب، وطرشوهم بجرار ملأى عُذْرَةً في وجوههم، فخبلوهم، وتمكّنت النّار، فهلك مِن في البرج إلّا القليل. ثمّ رموا البرجين الآخرين بالنّفْط فاحترقا. وطلبوا النّجدة مِن صاحب دمشق، فسار إلى ناحية بانياس، واشتدّ الحصار [4] .
قلت: وجَرَت فصول طويلة.
[غارات طُغتِكين]
وكان تِلْكَ الأيّام يغير طُغتِكين عَلَى الفرنج وينال منهم، وأخذ لهم حصنًا في السّواد، وقتل أهله. وما أمكنه مناجزة الفرنج لكثرتهم [5] .
[إحراق المراكب بصيداء]
ثمّ جمع وسار إلى صور، فخندقوا عَلَى نفوسهم ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا وأغار عَلَى ضياعها، وأحرق نحو عشرين مركبًا عَلَى السّاحل [6] .
وبقي الحصار عَلَى صور مدة، وقاتل أهلها قتال مِن آيس مِن الحياة، فدام
__________
[1] في الكامل 10/ 488.
[2] في الأصل: «بالصور» .
[3] هو عزّ الملك أنوشتكين الأفضلي، ويقال: عزّ الملك الأعزّ.
[4] أورد العظيمي هذا الخبر باختصار في حوادث سنة 506 هـ-. وقال فيه إن أتابك طغتكين دخل صور وتسلّمها من عزّ الملك، وولّى فيها مسعود. (تاريخ حلب- بتحقيق زعرور) 365، 366، و (تحقيق سويم 31) والصحيح أن طغتكين لم يدخل صور، بل دخلها مسعود في سنة 506 هـ-.، وموقعة الأبراج كانت سنة 505 هـ-. فأدمج العظيمي السنتين في خبر واحد.
وانظر عن الموقعة في: ذيل تاريخ دمشق 178- 180، والكامل في التاريخ 10/ 488، 489، والبداية والنهاية 12/ 173، واتعاظ الحنفا 3/ 48 و 51.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 490.
[6] ذيل تاريخ دمشق 179، الكامل في التاريخ 10/ 490، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 38، النجوم الزاهرة 5/ 181.

الصفحة 24