كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 42)

وقرأ «صحيح الْبُخَارِيّ» على شُرَيْح فِي سنة أربع وثلاثين.
وحضر سماعه نحو من ثلاثمائة نفس من أعيان طلبة البلاد فقرأه فِي إحدى وعشرين دولة بسماعه من: أَبِيهِ، وأبي عَبْد اللَّه بْن منظور عن أَبِي ذَرّ الهَرَويّ.
وكان النّاس يرحلون إِلَى شُرَيْح بسببه لكونه قد عيَّن تسميعه فِي كلّ رمضان.
وأجاز له القاضي عياض، وأبو بَكْر بْن فَنْدَلة، وجماعة.
وسمع أيضا مِن: مُحَمَّد بْن عَبْد الْعَزِيز الكِلابيّ، وجعفر بْن مُحَمَّد البُرجيّ، وأبي بَكْر يحيى بْن خَلَف بْن النّفيس، وإبراهيم بْن مروان، ويوسف بْن عليّ القُضاعي القفّال.
وعُني بهذا الشّأن. وكان غاية فِي الوَرَع والصّلاح والعَدَالة. قاله الأَبّار [1] .
وقال: ولي الصّلاة والخطابة بجامع المَرِيَّة. وكان يعرف القراءات.
ودعي إِلَى القضاء فأبى. وخرج بعد تغلُّب العدوّ إِلَى مُرْسيَّة. وضاقت حاله بها، فقصد مالقة، وأجاز البحر إِلَى مدينة فاس. ثُمَّ استوطن سَبْتَة يُقرِئ ويُسمع، فبَعْد صِيتُه، وعلا ذِكرُه، ورحل النّاس إليه لعُلُوّ سَنَده، وجلالة قدرِه.
وكان له بَصَرٌ بصناعة الحديث، موصوفا بجَوْدة الفَهْم. استُدعي إِلَى حضرة السّلطان بمَرّاكُش لِيَسمع منه، فقدِمَها وبقي بها حينا، ثُمَّ رجع إِلَى سَبْتَة.
حدَّثنا عَنْه عالم من الْجِلَّة.
مولده سنة خمسٍ، وقيل: سنة ثلاث وخمسمائة.
وتُوُفّي بسَبْتَة فِي المحرَّم، وقيل فِي مُسْتَهل صفر. وكانت جنازته مشهودة.
__________
[1] في التكملة لكتاب الصلة.

الصفحة 65