كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 44)

يَرْكَعْ [1] . وَرُبَّمَا رَوَى أَنَّ أَنَسًا قَالَ: لَمْ أر أحدا أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي: عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: فَحَزَرْنَا فِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ [2] .
وَرَوَى ثابت أَنَّ أنسا قَالَ: أَلَا أصلّي بكم صلاة رَسُول اللَّه؟ قَالَ ثابت، وَكَانَ يصنع شيئا لَا أراكم تصْنعونه، كَانَ إِذَا رفع رأسه من الركوع، انتصب قائما حَتَّى يَقُولُ القائل: قد نُسَيّ [3] .
وأمّا صلاته، فَكَانَ يقضي صلوات، فربّما قضى في اليوم واللّيلة صلوات أيّام عديدة. وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المَصْرِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ العماد يَقُولُ: فاتتني صلاة العَصْر قبل أن أبلغ وقد أعدتها مائة مرة، وأنا أريد أن أعيدها أَيْضًا.
وأمّا صيامه فَكَانَ يصوم يوما ويفطر يوما.
وَكَانَ كَثِيرَ الدُّعَاءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، إِذَا دَعَا كَانَ الْقَلْبُ يَشْهَدُ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ مِنْ كَثْرَةِ ابْتِهَالِهِ وَإِخْلَاصِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهِ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ [4] . وَكَانَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَمْضِي إِلَى مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، فَيَدْعُو وَيَجْتَهِدُ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ إِلَى قُرْبِ الْعَصْرِ، لَا يَكَادُ يَفُوتُهُ ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ اسْتُجِيبَ لَهُ، قَالَ جَابِرٌ: فَمَا أَصَابَنِي أَمْرٌ غَائِظٌ، فَتَوَخَّيْتُ ذَلِكَ الوقت، فدعوت إلّا رجوت الإجابة.
__________
[1] أخرجه من حديث أبي سعيد الخدريّ: مسلم 454، 161 و 162، والنسائي 2/ 164، وابن ماجة 825، وأحمد 3/ 35.
[2] أخرجه النسائي في الإفتتاح 2/ 166- 167 و 224، 225، وأبو يعلي 3669، وأحمد 3/ 162، 163، وأبو داود 888، والبيهقي 2/ 110، وهو حديث صحيح.
[3] أخرجه البخاري 800 و 821، ومسلم 482، وأحمد 3/ 197 و 226.
[4] الحديث موضوع. أخرجه ابن عدي في «الكامل» 7/ 2621، والعقيلي في «الضعفاء» 4/ 452 من طريق بقية، حدثنا يوسف بن السفر، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة.
ويوسف بن السفر الدمشقيّ كاتب الأوزاعي: قال النسائي فيه: ليس بثقة، وقال الدار الدّارَقُطْنيّ:
متروك يكذب، وقال ابن عديّ: روى بواطيل، وقال أبو زرعة وغيره: متروك. وانظر: بذل المساعي في جمع ما رواه الإمام الأوزاعي، جمعه ورتبه خضر محمود شيخو، بمراجعتي وتقديمي، طبعة دار البشائر الإسلامية، بيروت 1414 هـ/ 1993 م- ص 526 رقم 752- 51.

الصفحة 185