كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 44)
وَسَمِعْتُ الإِمَام الواعظ أَبَا المُظَفَّر يوسف سِبط الْجَوْزيّ يَقُولُ [1] : لَمَّا كانت اللّيلة الّتي دُفن فيها العماد، رأيته في مكان مُتّسع، وَهُوَ يرقى في درج عرفات، فَقُلْتُ: كيف بتّ؟ فإنّي بتّ أحمل همّك، فأنشدني:
رَأَيْت إلهي حينَ أُنزلتُ حُفرتي ... وفارقْتُ أصحابي وأهلي وجِيرتي
فَقَالَ: جُزيتَ الخيرَ عنّي فإنّني ... رضيتُ، فها عفْوي لديكَ ورحمتي
رَأَيْت زمانا تأملُ الفوزَ والرِّضا ... فوُقِّيت نيراني ولُقِّيت جنّتي
قَالَ الضِّيَاء: وَسَمِعْتُ الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عُبَيْد بن هَارُون السَّوادي، صاحب الشَّيْخ العماد وخادمه يَقُولُ: رَأَيْت الشَّيْخ في النّوم وَهُوَ ينشد هذه الْأبيات.
وأنشدنيها.
وَسَمِعْتُ الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عُثْمَان بن حامد بن حسن المَقْدِسِيّ يَقُولُ: رَأَيْت الحقَّ عزَّ وجل في النّوم والشيخ العماد عن يمينه، ووجهه مثل البدر، وَعَلَيْهِ لباسٌ ما رَأَيْت مثله. أَوْ ما هَذَا معناه.
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : شاهدتُ الشَّيْخ العماد مُصليًّا في حلقة الحنابلة مرارا، وَكَانَ مُطِيلا لأركان الصَّلَاة، قياما، وركوعا، وسجودا، وَكَانَ يصلّي إلى خزانتين مجتمعتين موضع المحراب، وجدّد المحراب سنة سبع عشرة وستمائة.
قُلْتُ: ثُمَّ جُدّد هَذَا المحراب في سنة ستٍّ وستّين.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّر في «مرآته» [3] : كَانَ الشَّيْخ العماد يحضر مجلسي دائما وَيَقُولُ: صلاح الدّين يوسف فتح السَّاحل، وأظهر الإِسْلَام، وأنت [4] يوسف أحييت السّنّة [5] بالشّام.
__________
[1] في مرآة الزمان 8/ 588، 589 ونقلها عنه أبو شامة في ذيل الروضتين 104، 105، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 105.
[2] في ذيل الروضتين 105.
[3] ج 8/ 587، 588.
[4] تحرفت في المطبوع من المرآة إلى: «أين» .
[5] سقطت لفظة «السنة» من المطبوع من المرآة.
الصفحة 190