مجلس السلطان ينفّذ الأشغال، ولا يُلقي جنبه إلى الأرض، وكان يقول: ما في قلبي حسرةٌ إلّا أنّ ابن البَيْانيّ ما تمرَّغ على عتباتي- يعني القاضيَ الفاضلَ- وكان يَشْتِمُه وابنُه حاضر فلا يظهر منه تغير، وداراه أحسنَ مُداراة، وبذل لَهُ أموالا جمَّةً في السِّرِّ.
وعرض لَهُ إسهالٌ دمويٌ وزَحير، وأنهكه حَتّى انقطعَ، ويَئِسَ منه الأطباءُ، فاستدعى من حَبْسِه عشرة من شيوخ الكُتَّاب، فقال: أنتم تَشْمَتُون بي، وركَّب عليهم المعاصير وهُوَ يَزْحَرُ وهُمْ يَصيحون إلى أن أصبح وقد خفَّ ما به، ورَكِبَ في ثالث يوم، وكان يقف الرؤساء والنّاسُ على بابه مِن نصف اللّيل، ومعهم المشاعلُ والشمع، ويركبُ عند الصّباح، فلا يراهم ولا يَرَوْنَه، لأنّه إمّا أن يرفعَ رأسَه إلى السماء تيها، وإمّا أن يُعْرجَ على طريقٍ أخرى، والجنادرة [1] تَطْرُدُ النّاسَ.
وكان لَهُ بوابٌ اسمه سالم يأخُذُ مِن الناس أموالا عظيمة، ويُهينهم إهانة مفرطة، واقتنى عقارًا وقرى [2] .
97- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ [3] بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أبي الفرج ابن الزَّيْتُونيّ [4] .
البَوازيجيُّ [5] .
سَمِعَ من: يحيى بن ثابت، ومعمر ابن الفاخر، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ.
وتوفّي في ربيع الآخر.
__________
[1] جمع: الجندرمة، وهم الشرطة أو الدرك.
[2] وقال ابن نظيف الحموي: كان جبّارا ظالما جبّاها منتهكا للناس، متعصّبا للأراذل ومتعصّبا على الأماثل، فأخذ السلطان الكامل أولاده، واستخرجه منهم ما كان أكله أبوهم، وعصروا وضربوا ووجدوا بعض ما عملوا. (التاريخ المنصوري 114) .
[3] انظر عن (عبد الله بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 142 رقم 2025، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 162، ومختصره (6) والبداية والنهاية 13/ 111، والمنهج الأحمد 359، والمقصد الأرشد، رقم 495، وشذرات الذهب 5/ 103، والدرر المنضد 1/ 353 رقم 991 وفيه: «عبد الله بن أحمد بن الزيتوني البوازيجي، أبو محمد، وقيل: هو عبد الله بن علي بن أحمد..» .
[4] تصحّفت في: البداية والنهاية إلى: «الرسوي» .
[5] تصحّفت في: البداية والنهاية إلى: «البداريجي» .