وكان في قلب المعظَّم منه، لأنّ الملكَ العادل كَانَ يأمُره أن يتتبَّعه ويحفظه، فكان المُعَظَّم وهُوَ شابٌّ يدخل إلى دمشق في اللّيل، فيأمر المبارزُ غلمانَه أن يتبعوه. فلمّا مات العادلُ، حبسه المعظّم مُدَّة، فلم يظهر عليه أنَّه أخذ من أحدٍ شيئا، فأنزله إلى داره، وحَجَرَ عليه، وبالغ في التّشديد عليه.
ومات عن ثمانينَ سَنَة. ولم يُؤخذ عليه شيء إلّا أنَّه كَانَ يَحِبسُ وينسى، فَعُوقِبَ بمثل فعله.
161- إسحاق بن مُحَمَّد [1] بن المؤيِّد بن علي بن إسماعيل. القاضي، المُحدِّث، رفيع الدِّين، الهَمَذَانيّ الأصل، المِصْريّ، الوَبَرِيُّ، الشافعيّ.
ولد تقديرا في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بمصر.
وسَمِعَ من: أبيه، ومن الأَرْتَاحِيّ، وأبي الفضل الغَزْنَويّ، وفاطمة بنت سَعْد الخير، وجماعة. ورحل سَنَةَ ثلاثٍ وستمائة، فَسَمِعَ بدمشق من عمر بن طبرزد، وغيره. وببغداد من أصحاب قاضي المارسْتان، وبَاسِطَ من أبي الفَتْح المَنْدَائي، وبأصبهان من عفيفة الفَارْقَانِيَّة، وجماعة، وبشيراز، وهمذان، وجال في تلك الناحية.
وتَفَقَّه في مذهب الشافعيّ، وتزوَّج. وولي قضاء أَبَرْقُوه مُدَّة، ثمّ فارقها.
ورحل بولديه محمد وشيخنا الشهاب، وسَمَّعَهُما بأَبَرْقُوه، وشِيرازَ، وبغداد، والمَوْصِل، وحَرَّان، ودمشق، ومصر، وأماكنَ أُخر، وأستقرَّ بالقاهرة.
حَدَّثَنَا عنه ابنُه الشهاب.
قال عمر ابن الحاجب في «مُعجمه» : هُوَ أحدُ الرَّحَّالين، عارِفٌ بما سَمِعَ، إمام مقرئ، حَسَنُ السيرة، لَهُ سَمْتٌ ووقار، على مذهب السَّلَفِ، كريمُ النفس، حسن القراءة. ولي قضاء بُلَيْدَة اسمُها أَبَرْقُوه، فلمّا جرى على البلاد من الكفّار يعني التّترَ ما جرى، رجع إلى وطنه ومَسْقَطِ رأسه. وكان
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 175، 176 رقم 1201، وتاريخ إربل 1/ 248 رقم 146 وص 357 رقم 252، وبغية الطلب (المصوّر) 3/ 576 رقم 433، وسير أعلام النبلاء 22/ 281، 282 رقم 161، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 161 أ، في الوافي بالوفيات 8/ 424 رقم 3894، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 29، والمقفى الكبير 2/ 56 رقم 719.