كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 46)

وأقاموا أيّاما نازلين حولَه، فلمّا كَانَ فِي بعض اللّيالي صرخ بوقُ النّفير، وقيل:
جاءت الفِرنجُ. فرَكِبَ النّاسُ والعساكُر ومماليكُ الصّالح وساقوا إلى سَبَسْطية. ثمّ جاءَ ابن موسَك وابن سُنْقُر إِلَيْهِ، فدخل ابن سُنْقُر إِلَيْهِ، وقال: تطلُعُ إلى الكَرَكِ إلى ابن عمّك، وأخذ سيفه [1] .
قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [2] : فبلَغني أنّ جاريته كانت حاملا فأسقطت، وأخذوه إلى الكَرَكِ، فحدَّثني بالقاهرة سنة تسعٍ وثلاثين [3] قَالَ: أخذوني عَلَى بغلةٍ بلا مِهْمازٍ ولا مِقْرَعةٍ، وساروا بي ثلاثة أيّام، واللهِ ما كلّمت أحدا منهم كلمة، وأقمت بالكركب أشهرا، ورسموا عَلَى الباب ثمانين رجلا. وحكى لي أشياء من هذه الواقعة [4] .
ثمّ إنّ الوزيريّ أطلع خزائنه وخيلَه وحواصلَه إلى الصَّلْتِ [5] ، وبقيت حاشيته بنابلس [6] . ووصل علاء الدّين ابن النابُلُسيّ من مصر من عند الملكِ العادلِ إلى النّاصرِ يطلُبُ الصّالح، ويُعطيه مائة ألف دينار، فما أجابَ. فلمّا طالَ مقامُه، استشارَ عماد الدّين ابن موُسَك وابنَ قلِيج، ثمّ أخرجه، وتحالفا واتَّفقا فِي عيِد الفِطْر. فحدَّثني الصّالح قَالَ: حَلَّفني النّاصر عَلَى أشياء ما يَقْدِرُ عليها ملوكُ الأرض [7] ، وهو أن آخذَ لَهُ دمشقَ، وحمص، وحماة، وحلب، أو الجزيرة، والمَوْصِل، وديارَ بَكْرٍ، ونصفَ ديار مُضَر [8] ، وأُعطيه نصفَ ما فِي الخزائن من المال والجواهر والخيل والثياب، فحلفت له من تحت القهر والسّيف.
__________
[1] انظر: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 725- 727، ونهاية الأرب 29/ 261- 263.
[2] في المرآة: 8/ 727 فما بعد.
[3] الّذي في المطبوع من «المرآة» : «646» وكتب في الهامش أنه سنة (636) في نسخة أخرى.
[4] انظر: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 727 وفيه حكايات أخرى أهملها المؤلّف- رحمه الله-، وكذلك نهاية الأرب 29/ 263.
[5] الصلت: بلدة في الأردن جنوب عجلون. وهي السّلط أيضا.
[6] إلى هنا الخبر في نهاية الأرب 29/ 364.
[7] انظر نهاية الأرب 29/ 266.
[8] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة الرابعة والستون) ص 26 «ديار مصر» .

الصفحة 34