كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 48)

زُلزِلت مرة ونحن حول الحُجْرة النّبويّة [1] ، فاضطرب لها المِنبر والقناديل. ثمّ طلع فِي رأس أخْيَلين [2] نارٌ عظيمة مثل المدينة المعظّمة، وما بانت لنا إلّا ليلة السّبت وأشفقنا منها.
وطلعتُ إلى الأمير وكلّمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجعْ إلى الله.
فأعتقَ كلّ مماليكه وردّ على جماعةٍ أموالهم. فلمّا فعل ذلك قلت: اهبط معنا إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم. فهبط وبتنا ليلة السّبت، النّاس جميعُهم والنسوانُ وأولادُهن، وما بقي أحدٌ لا فِي النّخل [3] ولا فِي المدينة إلّا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم، وأشفقنا منها، وظهر ضوءُها إلى أن أبصِرت من مكّة، ومن الفَلاة جميعها. ثمّ سال منها نهر من نارٍ، وأخذ فِي وادي أخَيلين [4] وسدّ الطّريق، ثمّ طلع إلى بحرة الحاجّ، وهو بحرُ نارٍ [5] يجري وفوقه حرَّة [6] تسير إلى أن قطعت وادي الشّظاه [7] ، وما عاد يجيء فِي الوادي سَيلٌ قطّ لأنّها حرّة، تجيء قامتين وثلاثٍ عُلُوها [8] .
واللهِ يا أخي إنّ عيشتنا اليوم مكدّرة [9] ، والمدينة قد تاب أهلُها ولا بقي يُسمع فيها رَبابٌ ولا دُف ولا شُرْب [10] . وتمّت النّار تسير إلى أن سدّت بعض طريق الحاجّ، وكان [11] فِي الوادي إلينا منها قَتِير [12] ، وخفنا أن تجيئنا، واجتمع النّاس وباتوا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلّم [13] وقد طُفِئ قَتِيُرها الَّذِي يلِينا بقُدرة الله عزّ
__________
[1] في الأصل: «النبوة» .
[2] في نهاية الأرب 29/ 450، والنجوم الزاهرة 6/ 18 «أحيلين» بالحاء المهملة، وهو واد قريب من المدينة. وفي البداية والنهاية 13/ 188 «أجيلين» .
[3] في نهاية الأرب 29/ 450 «النخيل» ، ومثله في عيون التواريخ 20/ 89.
[4] هكذا في الأصل بالخاء المعجمة، وفي عيون التواريخ 20/ 89 «ااجلين» وهو تصحيف.
[5] في نهاية الأرب 29/ 450 «نهر نار» ، وفي عيون التواريخ 20/ 89 «بحر ناري» .
[6] في نهاية الأرب 29/ 450 «جمرة» .
[7] الشظاة: بالظاء المعجمة، واد يأتي من شرقي المدينة من أماكن بعيدة عنها، حتى يصل إلى الحرّة.
[8] إلى هنا يتفق النص مع نهاية الأرب 29/ 449- 451.
[9] في ذيل مرآة الزمان 1/ 7 «مكروه» وفي عيون التواريخ 20/ 89 «متكدّرة» .
[10] هذه العبارة ليست في نهاية الأرب.
[11] في نهاية الأرب 29/ 451 «وجاء» .
[12] القتير: دخان فيه نار، ورائحة الشيء المحترق.
[13] زاد اليونيني في ذيل مرآة الزمان 1/ 7: «ليلة الجمعة» .

الصفحة 20