كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 48)

يا زائرين [1] إلى الزّوراء لا تفدوا [2] ... فما بذاك الحمى والدّار ديارُ
تاجُ الخلافة والرّبع الَّذِي شرُفَتْ ... به المعالم قد عفّاه إقفارُ [3]
أضحى لعصف البِلَى فِي ربُعه أثر ... وللدّموع على الآثار آثارُ
يا نار قلبي من نارٍ لحربِ وَغَى ... شبتْ عليه ووافى الربْعَ إعصارُ
علا الصليبُ على أعلى منابرها ... وقام بالأمر من يحويه زنارُ
وكم حريم سَبَتْهُ التُّرْكُ غاصبةٌ ... وكان من دون ذاك الستْر أستارُ
وكم بُدُور على البدريّة [4] انخسفت ... ولم يعد لبدور الحيّ إبدار
وكم ذخائر أضحَت وهي شائعةٌ ... من النّهّاب وقد حازته كفارُ
وكم حدود أقيمت من سيوفهم ... على الرّقاب وحُطت فِيهِ أوزارُ
ناديت والسبْيُ مهتوك تجرّهم [5] ... إلى السّفاح من الأعداء ذعارُ [6]
وهم يساقون للموت الَّذِي شهدوا ... النّار يا ربّ من هذا ولا العارُ
والله يعلم أنّ القوم أغفلهم ... ما كان من نِعم فيهنّ إكثارُ
فأهملوا جانب الجبّار إذ غفلوا ... فجاءهم من جنود الكفر جبّار
يا للرجال بأحداثٍ يحدّثنا ... بما غدا فيهم إعذار وإنذارُ
من بعد أسرِ بني الْعَبَّاس كلّهم ... فلا أنار لِوجه الصّبع إسفارُ
ما راق لي قطّ شيء بعد بَيْنهِم ... إلّا أحاديث أرويها وآثارُ
لم يبق للدّين والدّنيا وقد ذهبوا ... شوقٌ لمجدٍ وقد بانوا وقد باروا
إنّ القيامة في بغدادَ قد وُجِدتْ ... وحدّها حين للإقبال إدبار
آل النبيّ وأهل العِلْم قد سُبيوا [7] ... فَمَنْ ترى بعدهم يحويه أمصار
__________
[1] في أخبار الدول 2/ 199: «يا سائرين» .
[2] في أخبار الدول: «لا تعدوا» .
[3] حتى هنا في أخبار الدول 2/ 199.
[4] البدرية: نسبة إلى بدر مولى المعتضد، والمراد بها قصر المنصور. (انظر تاريخ بغداد 1/ 108) .
[5] في تاريخ الخلفاء «تجربهم» .
[6] حتى هنا في تاريخ الخلفاء 472، 473، وشذرات الذهب 5/ 271، 272.
[7] هكذا في الشعر، وهو خطأ.

الصفحة 38