كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 51)

كتب عَنْهُ بعض الطّلبة. وكان يُتّهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل الأمر إنّه كَانَ من غُلاة الاتّحادية القائلين بوحْدة الوجود، وأنّ عين الموجودات هِيّ اللَّه، تعالى اللَّه عَنْ قولهم عُلُوَّا كبيرا. وله فِي ذَلِكَ أشعار ورموز وتغزُّلات ومصنّفات.
وذكره شمس الدّين الْجَزَريّ فِي «تاريخه» [1] ، وما كَانَ عرف حقيقة أمره، ونقل شيئا مستحيلا عَنْهُ، فقال: عمل فِي الروم أربعين خلْوة، كلّ خلوة أربعين يوما، يخرج من واحدة ويدخل فِي أخرى.
قلت: وهذا الكلام فِيهِ مجازفة ظاهرة، فإنّ مجموع ذَلِكَ ألف وستّمائة يوم، ولا أدري عمّن نقل شمس الدّين هذا.
ثمّ قَالَ: وله فِي كلّ عِلم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى، وشرح «مقامات النّفريّ» .
قَالَ: وحكى بعضهم قَالَ: طلعت إليه يوم قبض إليه فقلت: كيف حالك؟
قَالَ: بخير، من عرف اللَّه كيف يخاف؟ والله مُذْ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا فرحان بلقائه [2] .
__________
[1] تاريخ حوادث الزمان 1/ 80 (بتحقيقنا) .
[2] علّق اليافعي كعادته على قول الذهبي بأن التلمساني أحد زنادقة الصوفية، فقال: وهذا أيضا مع ما تقدّم يدلّ على سوء عقيدة الذهبي في الصوفية، أما كان يكفيه إن كان كما ذكر زنديقا أن يقول: أحد الزنادقة، ولا يضيف إلى الصوفية الصفوة أهل الصدق والتصديق والحق والتحقيق كل فاجر زنديق، وهل كل من كان متصفا بالوصف المذكور أو غيره من وصف غير مشكور ينسب إلى الصوفية أهل الصفا والنور، وكأنه ما يصدّق متى يصادف رخصة يتخذها فرصة في الطعن في السادة الأحباب العارفين أولي الألباب، وليت هذا إذ حرم التوفيق في حسن الظن ومشابهة الولي الإمام محيي الدين النواوي الجليل المقدار حيث ذكر في كتابه الحفيل الموسوم (بالأذكار) أن الصوفية من صفوة هذه الأمة، نعوذ باللَّه من حرمان التوفيق والعصمة فلم يكن لهم معتقدا أمسك عنهم، ولم يكن فيهم منتقدا لكنه سارع إلى القدح فيهم والطعن فيهم مرة بعد أخرى ...

الصفحة 407