كتاب تاريخ الإسلام ت تدمري (اسم الجزء: 51)

وأبي عَبْد اللَّه بْن أَبِي الرّدّاد، وأبي البركات عَبْد القويّ، ومرتضى بْن حاتم بمصر.
وأبي علي الأوقيّ ببيت المقدس، وظافر بْن شحم، وغيره بالثغر.
ويوسف بْن خليل بحلب، وعمر بْن كرم، وعبد السّلام الظّاهري ببغداد.
وروى الحديث سبعين سنة، فإنّ عُمَر بْن الحاجب سَمِعَ منه سنة عشرين وستمائة.
وسمع منه: الحافظان زكيُّ الدّين المنذريّ، ورشيد الدّين القرشيّ سنة نيّف وثلاثين بالقاهرة.
وقرأ عَلَيْهِ شمس الدّين ابن الكمال ابن عمّه كثيرا من الأجزاء بعد الخمسين وستّمائة.
وشرع الحفّاظ والمحدّثون فِي الإكثار عَنْهُ من بعد السّتّين، ولم يكن إذ ذاك سهلا فِي التّسميع، فلمّا كبُر وتفرّد أحبّ الرواية، وسهّل للطّلبة، وازدحموا عَلَيْهِ، ورحلوا إلَيْهِ، وبَعُد صيته فِي الآفاق، وقصد من مصر والعراق، وكثُرت عَلَيْهِ الإجازات من البلاد، وألحق الأحفاد بالأجداد. وبعث إلَيْهِ شيخنا ابن الظاهريّ بمشيخةٍ خرّجها لَهُ مَعَ البريد، فاشتهر أمرها، ونودي لها، ونُوّه بذِكرها فِي المحدّثين والفقهاء والصّبيان، وتسارعوا إلى سماعها، وانتدب لقراءتها شيخنا شرف الدّين الفزاريّ، وكان الجمع نحوا من تسعمائة نفس، فسمعها عَلَيْهِ من لم يسمع شيئا قبلها ولا بعدها، ونزل النّاس بموته درجة.
وكان فقيها، إماما، أديبا، ذكيّا، ثقة، صالحا، خيِّرًا، ورعا، فِيهِ كرم ومروءة وعقل، وعليه هيبة وسكون. وكان قد قرأ «المقنع» كلّه عَلَى الشّيْخ الموفَّق، وأذِن لَهُ فِي إقرائه، ثم اشتغل بالعائلة وتسبّب، فكان يسافر فِي التّجارة فِي بعض الأوقات. ومن بعد الثمانين ضعُف ولزِم منزله، وعاش أربعا وتسعين سنة وثلاثة أشهر.

الصفحة 424