كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 1)
فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا " (1) .
وقال أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا سعيد (2) بن حسان المخزومي، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن عبد الله بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " (3) . [قال وكيع: يعني: يستغنى به] (4) .
ورواه (5) أيضا عن الحجاج وأبي النضر، كلاهما عن الليث بن سعد، وعن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، كلاهما عن عبد الله بن أبي مليكة به (6) . وفي هذا الحديث كلام طويل يتعلق بسنده ليس هذا موضعه، والله أعلم.
وقال أبو داود: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا عبد الجبار بن الورد، سمعت ابن أبي مُلَيْكة، يقول: قال عبيد الله بن أبي يزيد: مرّ بنا أبو لُبَابة فاتَّبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رَثُّ البيت، رَثُّ الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " . قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع. تفرد به أبو داود (7) .
فقد فهم من هذا أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله، ويدل على ذلك -أيضا-ما رواه أبو داود حيث قال:
87@@@