كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 2)

الْحَدِيث أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ صَغِير اِبْنُك هَذَا " قَالَ نَعَمْ يَا رَسُول اللَّه أَشْهَد بِهِ قَالَ " أَمَا إِنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْك وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : وَيُرْوَى عَنْ عُمَر أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْن سَلَام : أَتَعْرِفُ مُحَمَّدًا كَمَا تَعْرِف وَلَدك ؟ قَالَ نَعَمْ وَأَكْثَر نَزَلَ الْأَمِين مِنْ السَّمَاء عَلَى الْأَمِين فِي الْأَرْض بِنَعْتِهِ فَعَرَفْته وَإِنِّي لَا أَدْرِي مَا كَانَ مِنْ أُمّه قُلْت وَقَدْ يَكُون الْمُرَاد " يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ " مِنْ بَيْن أَبْنَاء النَّاس كُلّهمْ لَا يَشُكّ أَحَد وَلَا يَمْتَرِي فِي مَعْرِفَة اِبْنه إِذَا رَآهُ مِنْ أَبْنَاء النَّاس كُلّهمْ ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا التَّحَقُّق وَالْإِتْقَان الْعِلْمِيّ " لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ " أَيْ لَيَكْتُمُونَ النَّاس مَا فِي كُتُبهمْ مِنْ صِفَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَهُمْ يَعْلَمُونَ " .
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

ثَبَّتَ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول هُوَ الْحَقّ الَّذِي لَا مِرْيَة فِيهِ وَلَا شَكَّ فَقَالَ الْحَقّ مِنْ رَبّك فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ .
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا " يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْل الْأَدْيَان يَقُول لِكُلِّ قَبِيلَة قِبْلَة يَرْضَوْنَهَا وَوِجْهَة اللَّه حَيْثُ تَوَجَّهَ الْمُؤْمِنُونَ وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة : لِلْيَهُودِيِّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا وَلِلنَّصْرَانِيِّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا وَهَدَاكُمْ أَنْتُمْ أَيَّتهَا الْأُمَّة إِلَى الْقِبْلَة الَّتِي هِيَ الْقِبْلَة.
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَعَطَاء وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَالسُّدِّيّ نَحْو
122@@@

الصفحة 121