كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 2)
" الْخَامِسُ " لَيْسَ مَقَام التَّفْضِيل إِلَيْكُمْ وَإِنَّمَا هُوَ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَيْكُمْ الِانْقِيَاد وَالتَّسْلِيم لَهُ وَالْإِيمَان بِهِ .
وَقَوْله " وَآتَيْنَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم الْبَيِّنَات " أَيْ الْحُجَج وَالدَّلَائِل الْقَاطِعَات عَلَى صِحَّة مَا جَاءَ بَنِي إِسْرَائِيل بِهِ مِنْ أَنَّهُ عَبْد اللَّه وَرَسُوله إِلَيْهِمْ " وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ " يَعْنِي أَنَّ اللَّه أَيَّدَهُ بِجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اِقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنْ اِخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا اِقْتَتَلُوا " أَيْ كُلّ ذَلِكَ عَنْ قَضَاء اللَّه وَقَدَره وَلِهَذَا قَالَ " وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ " .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ
يَأْمُر تَعَالَى عِبَاده بِالْإِنْفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمْ فِي سَبِيله سَبِيل الْخَيْر لِيَدَّخِرُوا ثَوَاب ذَلِكَ عِنْد رَبّهمْ وَمَلِيكهمْ وَلِيُبَادِرُوا إِلَى ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاة الدُّنْيَا " مِنْ قَبْل أَنْ يَأْتِي يَوْم " يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة " لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ" أَيْ لَا يُبَاع أَحَد مِنْ نَفْسه وَلَا يُفَادَى بِمَالٍ لَوْ بَذَلَهُ وَلَوْ جَاءَ بِمِلْءِ الْأَرْض ذَهَبًا وَلَا تَنْفَعهُ خُلَّة أَحَد يَعْنِي صَدَاقَته بَلْ وَلَا نَسَابَته كَمَا قَالَ " فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ" وَلَا شَفَاعَة : أَيْ وَلَا تَنْفَعهُمْ شَفَاعَة الشَّافِعِينَ وَقَوْله" وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ " مُبْتَدَأ مَحْصُور فِي خَبَره أَيْ وَلَا ظَالِمَ أَظْلَمُ مِمَّنْ وَافَى اللَّهَ يَوْمَئِذٍ كَافِرًا وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ عَطَاء بْن دِينَار أَنَّهُ قَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي قَالَ " وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ" وَلَمْ يَقُلْ وَالظَّالِمُونَ هُمْ الْكَافِرُونَ .
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ
430@@@
الصفحة 429