كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 7)

يَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْبَاء هَهُنَا سَبَبِيَّة فَتَقْدِيره أَيْ بِسَبَبِ إِيمَانهمْ فِي الدُّنْيَا يَهْدِيهِمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة عَلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم حَتَّى يَجُوزُوهُ وَيَخْلُصُوا إِلَى الْجَنَّة .
وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون لِلِاسْتِعَانَةِ كَمَا قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله " يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ " قَالَ يَكُون لَهُمْ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ ; وَقَالَ اِبْن جُرَيْج فِي الْآيَة يُمَثَّل لَهُ عَمَله فِي صُورَة حَسَنَة وَرِيح طَيِّبَة إِذَا قَامَ مِنْ قَبْره يُعَارِض صَاحِبه وَيُبَشِّرهُ بِكُلِّ خَيْر فَيَقُول لَهُ مَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُول أَنَا عَمَلك فَيُجْعَل لَهُ نُوره مِنْ بَيْن يَدَيْهِ حَتَّى يُدْخِلهُ الْجَنَّة فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ " وَالْكَافِر يُمَثَّل لَهُ عَمَله فِي صُورَة سَيِّئَة وَرِيح مُنْتِنَة فَيَلْزَم صَاحِبه وَيُلَادّهُ حَتَّى يَقْذِفهُ فِي النَّار وَرُوِيَ نَحْوه عَنْ قَتَادَة مُرْسَلًا فَاَللَّه أَعْلَم .
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

" دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام وَآخِر دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " أَيْ هَذَا حَال أَهْل الْجَنَّة.
قَالَ اِبْن جُرَيْج أَخْبَرَ أَنَّ قَوْله " دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ " قَالَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ الطَّيْر يَشْتَهُونَهُ قَالُوا سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَذَلِكَ دَعْوَاهُمْ فَيَأْتِيهِمْ الْمَلَك بِمَا يَشْتَهُونَهُ فَيُسَلِّم عَلَيْهِمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ قَوْله " وَتَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام " قَالَ فَإِذَا أَكَلُوا حَمِدُوا اللَّه رَبّهمْ فَذَلِكَ قَوْله " وَآخِر دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ " وَقَالَ مُقَاتِل بْن حَيَّان : إِذَا أَرَادَ أَهْل الْجَنَّة أَنْ يَدْعُوا بِالطَّعَامِ قَالَ أَحَدهمْ " سُبْحَانك اللَّهُمَّ " قَالَ فَيَقُوم عَلَى أَحَدهمْ عَشْرَة آلَاف خَادِم مَعَ كُلّ خَادِم صَحْفَة مِنْ ذَهَب فِيهَا طَعَام لَيْسَ فِي الْأُخْرَى قَالَ فَيَأْكُل مِنْهُنَّ كُلّهنَّ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : إِذَا أَرَادَ أَحَدهمْ أَنْ يَدْعُو بِشَيْءٍ قَالَ " سُبْحَانك اللَّهُمَّ "
338@@@

الصفحة 337