كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 7)
الْعَالَمِينَ " .
وَقَالَ تَعَالَى " إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاة فِيهَا هُدًى وَنُور يَحْكُم بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا " وَقَالَ تَعَالَى " وَإِذْ أَوْحَيْت إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ " وَقَالَ خَاتَم الرُّسُل وَسَيِّد الْبَشَر صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيك لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّل الْمُسْلِمِينَ " أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحَدِيث الثَّابِت عَنْهُ " نَحْنُ مَعَاشِر الْأَنْبِيَاء أَوْلَاد عَلَّات وَدِيننَا وَاحِد " .
أَيْ وَهُوَ عِبَادَة اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ شَرَائِعنَا وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْله أَوْلَاد عَلَّات وَهُمْ الْإِخْوَة مِنْ أُمَّهَات شَتَّى وَالْأَب وَاحِد .
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ
وَقَوْله تَعَالَى " فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ " أَيْ عَلَى دِينه " فِي الْفُلْك " وَهِيَ السَّفِينَة " وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِف " أَيْ فِي الْأَرْض " وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْف كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذَرِينَ " أَيْ يَا مُحَمَّد كَيْف أَنْجَيْنَا الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلَكْنَا الْمُكَذِّبِينَ .
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ
يَقُول تَعَالَى ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْد نُوح رُسُلًا إِلَى قَوْمهمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ أَيْ بِالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّة وَالْبَرَاهِين عَلَى صِدْق مَا جَاءُوهُمْ بِهِ " فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْل " أَيْ فَمَا كَانَتْ الْأُمَم لِتُؤْمِنَ بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلهمْ بِسَبَبِ تَكْذِيبهمْ إِيَّاهُمْ أَوْ مَا أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَنُقَلِّب أَفْئِدَتهمْ وَأَبْصَارهمْ " الْآيَة .
وَقَوْله " كَذَلِكَ نَطْبَع عَلَى قُلُوب الْمُعْتَدِينَ " أَيْ كَمَا طَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوب هَؤُلَاءِ فَمَا آمَنُوا بِسَبَبِ تَكْذِيبهمْ الْمُتَقَدِّم هَكَذَا يَطْبَع اللَّه عَلَى قُلُوب مَنْ أَشْبَهَهُمْ مِمَّنْ بَعْدهمْ وَيَخْتِم عَلَى قُلُوبهمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَاب الْأَلِيم وَالْمُرَاد أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَهْلَكَ الْأُمَم الْمُكَذِّبَة لِلرُّسُلِ وَأَنْجَى مَنْ آمَنَ بِهِمْ وَذَلِكَ مِنْ بَعْد نُوح
387@@@
الصفحة 386