كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 7)

مِنْ الْغَيْب إِلَّا مَا أَطْلَعَهُ اللَّه عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ بِمَلَكٍ مِنْ الْمَلَائِكَة بَلْ هُوَ بَشَر مُرْسَل مُؤَيَّد بِالْمُعْجِزَاتِ وَلَا أَقُول عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَحْقِرُونَهُمْ وَتَزْدَرُونَهُمْ إِنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ عِنْد اللَّه ثَوَاب عَلَى أَعْمَالهمْ اللَّه أَعْلَم بِمَا فِي أَنْفُسهمْ فَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بَاطِنًا كَمَا هُوَ الظَّاهِر مِنْ حَالهمْ فَلَهُمْ جَزَاء الْحُسْنَى وَلَوْ قَطَعَ لَهُمْ أَحَد بِشَرٍّ بَعْد مَا آمَنُوا لَكَانَ ظَالِمًا قَائِلًا مَا لَا عِلْم لَهُ بِهِ .
قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)
قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ

يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ اِسْتِعْجَال قَوْم نُوح نِقْمَة اللَّه وَعَذَابه وَسَخَطه وَالْبَلَاء مُوَكَّل بِالْمَنْطِقِ .
" قَالُوا يَا نُوح قَدْ جَادَلْتنَا فَأَكْثَرْت جِدَالنَا " أَيْ حَاجَجْتنَا فَأَكْثَرْت مِنْ ذَلِكَ وَنَحْنُ لَا نَتَّبِعك " فَأْتِنَا بِمَا تَعِدنَا " أَيْ مِنْ النِّقْمَة وَالْعَذَاب اُدْعُ عَلَيْنَا بِمَا شِئْت فَلْيَأْتِنَا مَا تَدْعُو بِهِ " إِنْ كُنْت مِنْ الصَّادِقِينَ " .
قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33)
قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ

أَيْ إِنَّمَا الَّذِي يُعَاقِبكُمْ وَيُعَجِّلهَا لَكُمْ اللَّه الَّذِي لَا يُعْجِزهُ شَيْء .
وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)
وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

" وَلَا يَنْفَعكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَح لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّه يُرِيد أَنْ يُغْوِيَكُمْ " أَيْ أَيّ شَيْء يُجْدِي عَلَيْكُمْ إِبْلَاغِي لَكُمْ وَإِنْذَارِي إِيَّاكُمْ وَنُصْحِي " إِنْ كَانَ اللَّه يُرِيد أَنْ يُغْوِيَكُمْ " أَيْ إِغْوَاءَكُمْ وَدَمَاركُمْ " هُوَ رَبّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " أَيْ هُوَ مَالِك أَزِمَّة الْأُمُور الْمُتَصَرِّف الْحَاكِم الْعَادِل الَّذِي لَا يَجُور لَهُ الْخَلْق وَلَهُ الْأَمْر وَهُوَ الْمُبْدِئ الْمُعِيد مَالِك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ

هَذَا كَلَام مُعْتَرِض فِي وَسَط هَذِهِ الْقِصَّة مُؤَكِّد لَهَا مُقَرِّر لَهَا يَقُول تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ يَقُول هَؤُلَاءِ الْكَافِرُونَ الْجَاحِدُونَ اِفْتَرَى هَذَا
434@@@

الصفحة 433