كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 8)

السَّمَاء مِنْ جِبَال فِيهَا مِنْ بَرَد " لِعَجَبِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَنْزَلَ مِنْ الثَّلْج أَعْظَم وَأَكْثَر وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهُ ؟ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْله تَعَالَى " سَرَابِيل تَقِيكُمْ الْحَرّ " وَمَا تَقِي مِنْ الْبَرْد أَعْظَم وَأَكْثَر وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَاب حَرّ .
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82)
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

وَقَوْله " فَإِنْ تَوَلَّوْا " أَيْ بَعْد هَذَا الْبَيَان وَهَذَا الِامْتِنَان فَلَا عَلَيْك مِنْهُمْ " فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ الْمُبِين " وَقَدْ أَدَّيْته إِلَيْهِمْ .
يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)
يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ

" يَعْرِفُونَ نِعْمَة اللَّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا " أَيْ يَعْرِفُونَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى هُوَ الْمُسْدِي إِلَيْهِمْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُتَفَضِّل بِهِ عَلَيْهِمْ وَمَعَ هَذَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْره وَيُسْنِدُونَ النَّصْر وَالرِّزْق إِلَى غَيْره " وَأَكْثَرهمْ الْكَافِرُونَ " كَمَا قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة حَدَّثَنَا صَفْوَان حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر عَنْ مُجَاهِد أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَاَللَّه جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتكُمْ سَكَنًا " فَقَالَ الْأَعْرَابِيّ نَعَمْ قَالَ " وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُود الْأَنْعَام بُيُوتًا " الْآيَة .
قَالَ الْأَعْرَابِيّ نَعَمْ ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ كُلّ ذَلِكَ يَقُول الْأَعْرَابِيّ نَعَمْ حَتَّى بَلَغَ" كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَته عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ " فَوَلَّى الْأَعْرَابِيّ فَأَنْزَلَ اللَّه " يَعْرِفُونَ نِعْمَة اللَّه ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا " الْآيَة .
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)
وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ
340@@@

الصفحة 339