كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 8)

أَقُمْ عَلَيْهِ فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِير إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَة عَنْ ذِرَاعَيْهَا وَعَلَيْهَا مِنْ كُلّ زِينَة خَلَقَهَا اللَّه فَقَالَتْ يَا مُحَمَّد اُنْظُرْنِي أَسْأَلك فَلَمْ أَلْتَفِت إِلَيْهَا وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهَا حَتَّى أَتَيْت بَيْت الْمَقْدِس فَأَوْثَقْت دَابَّتِي بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتْ الْأَنْبِيَاء تُوثِقهَا بِهَا ثُمَّ أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاءَيْنِ أَحَدهمَا خَمْر وَالْآخَر لَبَن فَشَرِبْت اللَّبَن وَأَبَيْت الْخَمْر فَقَالَ جِبْرِيل أَصَبْت الْفِطْرَة أَمَا إِنَّك لَوْ أَخَذْت الْخَمْر غَوَتْ أُمَّتك فَقُلْت اللَّه أَكْبَر اللَّه أَكْبَر فَقَالَ جِبْرِيل مَا رَأَيْت فِي وَجْهك هَذَا ؟ قَالَ فَقُلْت بَيْنَمَا أَنَا أَسِير إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَمِينِي يَا مُحَمَّد اُنْظُرْنِي أَسْأَلك فَلَمْ أُجِبْهُ وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ قَالَ ذَاكَ دَاعِي الْيَهُود أَمَا إِنَّك لَوْ أَجَبْته أَوْ وَقَفْت عَلَيْهِ لَتَهَوَّدَتْ أُمَّتك .
قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِير إِذْ دَعَانِي دَاعٍ عَنْ يَسَارِي قَالَ يَا مُحَمَّد اُنْظُرْنِي أَسْأَلك فَلَمْ أَلْتَفِت وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهِ قَالَ ذَاكَ دَاعِي النَّصَارَى أَمَا إِنَّك لَوْ أَجَبْته لَتَنَصَّرَتْ أُمَّتك قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِير إِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ حَاسِرَة عَنْ ذِرَاعَيْهَا عَلَيْهَا مِنْ كُلّ زِينَة خَلَقَهَا اللَّه يَا مُحَمَّد اُنْظُرْنِي أَسْأَلك فَلَمْ أُجِبْهَا وَلَمْ أَقُمْ عَلَيْهَا قَالَ تِلْكَ الدُّنْيَا أَمَا إِنَّك لَوْ أَجَبْتهَا أَوْ قُمْت عَلَيْهَا لَاخْتَارَتْ أُمَّتك الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَة .
قَالَ ثُمَّ دَخَلْت أَنَا وَجِبْرِيل بَيْت الْمَقْدِس فَصَلَّى كُلّ وَاحِد مِنَّا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُتِيت بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي كَانَتْ تَعْرُج عَلَيْهِ أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء فَلَمْ يَرَ الْخَلَائِق أَحْسَن مِنْ الْمِعْرَاج أَمَا رَأَيْت الْمَيِّت حِين يُشَقّ بَصَره طَامِحًا إِلَى السَّمَاء فَإِنَّمَا يُشَقّ بَصَره طَامِحًا إِلَى السَّمَاء عَجَبه بِالْمِعْرَاجِ قَالَ فَصَعِدْت أَنَا وَجِبْرِيل فَإِذَا أَنَا بِمَلَكٍ يُقَال لَهُ إِسْمَاعِيل وَهُوَ صَاحِب السَّمَاء الدُّنْيَا وَبَيْن يَدَيْهِ سَبْعُونَ أَلْف مَلَك مَعَ كُلّ مَلَك جُنُوده مِائَة أَلْف مَلَك قَالَ : قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَمَا يَعْلَم جُنُود رَبّك إِلَّا هُوَ " قَالَ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل بَاب السَّمَاء قِيلَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ جِبْرِيل وَمَنْ مَعَك ؟ قَالَ مُحَمَّد قِيلَ أَوَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ نَعَمْ فَإِذَا أَنَا بِآدَم كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى صُورَته ؟ فَإِذَا هُوَ تُعْرَض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُرِّيَّته مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُول رُوح طَيِّبَة وَنَفْس طَيِّبَة اِجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ ثُمَّ تُعْرَض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُرِّيَّته الْفُجَّار فَيَقُول رُوح خَبِيثَة وَنَفْس خَبِيثَة اِجْعَلُوهَا فِي سِجِّين فَمَضَيْت هُنَيْهَة فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ عَلَيْهَا لَحْم مُشَرَّح لَيْسَ يَقْرَبهَا أَحَد وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا لَحْم قَدْ أَرْوَحَ وَأَنْتَنَ عِنْدهَا أُنَاس يَأْكُلُونَ مِنْهَا قُلْت يَا جِبْرِيل مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتك يَأْتُونَ الْحَرَام وَيَتْرُكُونَ الْحَلَال
402@@@

الصفحة 401