كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 8)

الْمَسْجِد حَيْثُ شَاءَ اللَّه وَأَخَذَنِي مِنْ الْعَطَش أَشَدّ مَا أَخَذَنِي فَأُتِيت بِإِنَاءَيْنِ فِي أَحَدهمَا لَبَن وَفِي الْآخَر عَسَل
أُرْسِلَ إِلَيَّ بِهِمَا جَمِيعًا فَعَدَلْت بَيْنهمَا ثُمَّ هَدَانِي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَأَخَذْت اللَّبَن فَشَرِبْت حَتَّى عَرِقَتْ بِهِ جَبِينِي وَبَيْن يَدَيَّ شَيْخ مُتَّكِئ عَلَى مَثَوَات لَهُ فَقَالَ أَخَذَ صَاحِبك الْفِطْرَة إِنَّهُ لَيُهْدَى ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادِي الَّذِي فِيهِ الْمَدِينَة فَإِذَا جَهَنَّم تَنْكَشِف عَنْ مِثْل الرَّوَابِي " قُلْت يَا رَسُول اللَّه كَيْف وَجَدْتهَا ؟ قَالَ " وَجَدْتهَا مِثْل الْحُمَة السُّخْنَة ثُمَّ اِنْصَرَفَ بِي فَمَرَرْنَا بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا قَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ قَدْ جَمَعَهُ فُلَان فَسَلَّمْت عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضهمْ هَذَا صَوْت مُحَمَّد ثُمَّ أَتَيْت أَصْحَابِي قَبْل الصُّبْح بِمَكَّة فَأَتَانِي أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه أَيْنَ كُنْت اللَّيْلَة فَقَدْ اِلْتَمَسْتُك فِي مَظَانّك فَقَالَ عَلِمْت أَنِّي أَتَيْت بَيْت الْمَقْدِس اللَّيْلَة فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ مَسِيرَة شَهْر فَصِفْهُ لِي قَالَ فَفُتِحَ لِي صِرَاط كَأَنِّي أَنْظُر إِلَيْهِ لَا يَسْأَلنِي عَنْ شَيْء إِلَّا أَنْبَأْته بِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْر أَشْهَد أَنَّك لَرَسُول اللَّه وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ اُنْظُرُوا إِلَى اِبْن أَبِي كَبْشَة يَزْعُم أَنَّهُ أَتَى بَيْت الْمَقْدِس اللَّيْلَة ؟ قَالَ فَقَالَ إِنَّ مِنْ آيَة مَا أَقُول لَكُمْ أَنِّي مَرَرْت بِعِيرٍ لَكُمْ فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَقَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ فَجَمَعَهُ لَهُمْ فُلَان وَإِنَّ مَسِيرهمْ يَنْزِلُونَ بِكَذَا ثُمَّ بِكَذَا وَيَأْتُونَكُمْ يَوْم كَذَا وَكَذَا يَقْدُمهُمْ جَمَل آدَم عَلَيْهِ مَسْح أَسْوَد وَغِرَارَتَانِ سَوْدَاوَانِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْم أَشْرَفَ النَّاس يَنْظُرُونَ حِين كَانَ قَرِيبًا مِنْ نِصْف النَّهَار حَتَّى أَقْبَلَتْ الْعِير يَقْدُمهُمْ ذَلِكَ الْجَمَل الَّذِي وَصَفَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
هَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ بِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْد تَمَامه هَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَرَوَى ذَلِكَ مُفَرَّقًا مِنْ أَحَادِيث غَيْره وَنَحْنُ نَذْكُر مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه مَا حَضَرَنَا ثُمَّ سَاقَ أَحَادِيث كَثِيرَة فِي الْإِسْرَاء كَالشَّاهِدِ لِهَذَا الْحَدِيث
408@@@

الصفحة 407