كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 8)

جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ مِيكَائِيل فَقَالَ جَبْرَائِيل لِمِيكَائِيل اِئْتِنِي بِطَسْتٍ مِنْ مَاء زَمْزَم كَيْمَا أُطَهِّر قَلْبه وَأَشْرَح لَهُ صَدْره قَالَ فَشَقَّ عَنْهُ بَطْنه فَغَسَلَهُ ثَلَاث مَرَّات وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ مِيكَائِيل بِثَلَاثِ طِسَاس مِنْ مَاء زَمْزَم فَشَرَحَ صَدْره فَنَزَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غِلّ وَمَلَأَهُ عِلْمًا وَحِلْمًا وَإِيمَانًا وَيَقِينًا وَإِسْلَامًا وَخَتَمَ بَيْن كَتِفَيْهِ بِخَاتَمِ النُّبُوَّة ثُمَّ أَتَاهُ بِفَرَسٍ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ كُلّ خُطْوَة مِنْهُ مُنْتَهَى بَصَره أَوْ أَقْصَى بَصَره قَالَ فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ فَأَتَى عَلَى قَوْم يَزْرَعُونَ فِي يَوْم وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْم كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا جِبْرِيل مَا هَذَا ؟ " قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه تُضَاعَف لَهُمْ الْحَسَنَة بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْف وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْء فَهُوَ يَخْلُفهُ وَهُوَ خَيْر الرَّازِقِينَ ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم تُرْضَخ رُءُوسهمْ بِالصَّخْرِ كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ وَلَا يَفْتُر عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء فَقَالَ " مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل ؟ " قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَل رُءُوسهمْ عَنْ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم عَلَى أَقْبَالهمْ رِقَاع وَعَلَى أَدْبَارهمْ رِقَاع يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَح الْإِبِل وَالنَّعَم وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيع وَالزَّقُّوم وَرَضْف جَهَنَّم وَحِجَارَتهَا " قَالَ فَمَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل ؟ " قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَات أَمْوَالهمْ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا وَمَا اللَّه بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم بَيْن أَيْدِيهمْ لَحْم نَضِيج فِي قِدْر وَلَحْم نِيء فِي قِدْر خَبِيث فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ اللَّحْم النِّيء الْخَبِيث وَيَدَعُونَ النَّضِيج الطَّيِّب فَقَالَ " مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل ؟ " فَقَالَ
418@@@

الصفحة 417