كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 8)
قَالَتْ قَدْ رَضِيت .
قَالَ ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا وَوَجَدَ رِيحًا خَبِيثَة فَقَالَ : مَا هَذِهِ الرِّيح يَا جِبْرِيل وَمَا هَذَا الصَّوْت ؟ " فَقَالَ هَذَا صَوْت جَهَنَّم تَقُول يَا رَبّ اِئْتِنِي بِمَا وَعَدْتنِي فَقَدْ كَثُرَتْ سَلَاسِلِي وَأَغْلَالِي وَسَعِيرِي وَحَمِيمِي وَضَرِيعِي وَغَسَّاقِي وَعَذَابِي وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي وَاشْتَدَّ حَرِّي فَائْتِنِي بِمَا وَعَدْتنِي قَالَ لَك كُلّ مُشْرِك وَمُشْرِكَة وَكَافِر وَكَافِرَة وَكُلّ خَبِيث وَخَبِيثَة وَكُلّ جَبَّار لَا يُؤْمِن بِيَوْمِ الْحِسَاب قَالَتْ قَدْ رَضِيت .
قَالَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْت الْمَقْدِس فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسه إِلَى الصَّخْرَة ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ الْمَلَائِكَة فَلَمَّا قُضِيَتْ الصَّلَاة قَالُوا يَا جِبْرِيل مَنْ هَذَا مَعَك قَالَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالُوا حَيَّاهُ اللَّه مِنْ أَخ وَمِنْ خَلِيفَة فَنِعْمَ الْأَخ وَنِعْمَ الْخَلِيفَة وَنِعْمَ الْمَجِيء جَاءَ قَالَ ثُمَّ لَقِيَ أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء فَأَثْنَوْا عَلَى رَبّهمْ فَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي اِتَّخَذَنِي خَلِيلًا وَأَعْطَانِي مُلْكًا عَظِيمًا وَجَعَلَنِي أُمَّة قَانِتًا يُؤْتَمّ بِي وَأَنْقَذَنِي مِنْ النَّار وَجَعَلَهَا عَلَيَّ بَرْدًا وَسَلَامًا .
ثُمَّ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَثْنَى عَلَى رَبّه فَقَالَ الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي كَلَّمَنِي تَكْلِيمًا وَجَعَلَ هَلَاك آلِ فِرْعَوْن وَنَجَاة بَنِي إِسْرَائِيل عَلَى يَدَيَّ وَجَعَلَ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ .
ثُمَّ إِنَّ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَثْنَى عَلَى رَبّه فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ لِي مُلْكًا عَظِيمًا وَعَلَّمَنِي الزَّبُور وَأَلَانَ لِيَ الْحَدِيد وَسَخَّرَ لِيَ الْجِبَال يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْر وَأَعْطَانِي الْحِكْمَة وَفَصْل الْخِطَاب .
ثُمَّ إِنَّ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَثْنَى عَلَى رَبّه فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لِي الرِّيَاح وَسَخَّرَ لِي الشَّيَاطِين يَعْمَلُونَ لِي مَا شِئْت مِنْ مَحَارِيب وَتَمَاثِيل وَجِفَان كَالْجَوَابِ وَقُدُور رَاسِيَات وَعَلَّمَنِي مَنْطِق الطَّيْر وَآتَانِي مِنْ كُلّ شَيْء فَضْلًا وَسَخَّرَ لِيَ جُنُود الشَّيَاطِين وَالْإِنْس وَالطَّيْر وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِير مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ وَآتَانِي مُلْكًا عَظِيمًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي وَجَعَلَ مُلْكِي مُلْكًا طَيِّبًا لَيْسَ فِيهِ حِسَاب ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَثْنَى عَلَى رَبّه عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي كَلِمَته وَجَعَلَ مَثَلِي كَمَثَلِ آدَم خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنَّ فَيَكُون وَعَلَّمَنِي الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَالتَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَجَعَلَنِي أَخْلُق مِنْ الطِّين كَهَيْئَةِ الطَّيْر فَأَنْفُخ فِيهِ فَيَكُون طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّه وَجَعَلَنِي أُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّه
420@@@
الصفحة 419