كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 8)

يَجْهَد أَنْ يُحَقِّر أَمْره وَيُصَغِّرهُ عِنْده .
قَالَ فِي هَذَا السِّيَاق عَنْ أَبِي سُفْيَان : وَاَللَّه مَا مَنَعَنِي مِنْ أَنْ أَقُول عَلَيْهِ قَوْلًا أُسْقِطهُ مِنْ عَيْنه إِلَّا أَنِّي أَكْرَه أَنْ أَكْذِب عِنْده كَذِبَة يَأْخُذهَا عَلَيَّ وَلَا يُصَدِّقنِي فِي شَيْء قَالَ حَتَّى ذَكَرْت قَوْله لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ قَالَ فَقُلْت أَيّهَا الْمَلِك أَلَا أُخْبِرك خَبَرًا تَعْرِف أَنَّهُ قَدْ كَذَبَ ؟ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ قُلْت إِنَّهُ يَزْعُم لَنَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَرْضنَا أَرْض الْحَرَم فِي لَيْلَة فَجَاءَ مَسْجِدكُمْ هَذَا مَسْجِد إِيلِيَاء وَرَجَعَ إِلَيْنَا تِلْكَ اللَّيْلَة قَبْل الصَّبَاح .
قَالَ وَبِطْرِيقِ إِيلِيَاء عِنْد رَأْس قَيْصَر فَقَالَ بِطْرِيق إِيلِيَاء قَدْ عَلِمْت تِلْكَ اللَّيْلَة قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ قَيْصَر وَقَالَ وَمَا عِلْمك بِهَذَا ؟ قَالَ إِنِّي كُنْت لَا أَنَام لَيْلَة حَتَّى أُغْلِق أَبْوَاب الْمَسْجِد فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة أَغْلَقْت الْأَبْوَاب كُلّهَا غَيْر بَاب وَاحِد غَلَبَنِي فَاسْتَعَنْت عَلَيْهِ بِعُمَّالِي وَمَنْ يَحْضُرنِي كُلّهمْ مُعَالَجَة فَغَلَبَنَا فَلَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُحَرِّكهُ كَأَنَّمَا نُزَاوِل بِهِ جَبَلًا فَدَعَوْت إِلَيْهِ النَّجَاجِرَة فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الْبَاب سَقَطَ عَلَيْهِ النِّجَاف وَالْبُنْيَان وَلَا نَسْتَطِيع أَنْ نُحَرِّكهُ حَتَّى نُصْبِح فَنَنْظُر مِنْ أَيْنَ أَتَى .
قَالَ فَرَجَعْت وَتَرَكْت الْبَابَيْنِ مَفْتُوحَيْنِ .
فَلَمَّا أَصْبَحْت غَدَوْت عَلَيْهِمَا فَإِذَا الْحَجَر الَّذِي فِي زَاوِيَة الْمَسْجِد مَثْقُوب وَإِذَا فِيهِ أَثَر مِرْبَط الدَّابَّة قَالَ فَقُلْت لِأَصْحَابِي مَا حُبِسَ هَذَا الْبَاب اللَّيْلَة إِلَّا عَلَى نَبِيّ وَقَدْ صَلَّى اللَّيْلَة فِي مَسْجِدنَا وَذَكَرَ تَمَام الْحَدِيث : " فَائِدَة " قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْخَطَّاب عُمَر بْن دِحْيَة فِي كِتَابه " التَّنْوِير فِي مَوْلِد السِّرَاج الْمُنِير " وَقَدْ ذَكَرَ حَدِيث الْإِسْرَاء مِنْ طَرِيق أَنَس وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَجَادَ وَأَفَادَ ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَات فِي حَدِيث الْإِسْرَاء عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَأَبِي ذَرّ وَمَالِك بْن صَعْصَعَة وَأَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد وَابْن عَبَّاس وَشَدَّاد بْن أَوْس وَأُبَيّ بْن كَعْب وَعَبْد الرَّحْمَن بْن قُرْط وَأَبِي حَبَّة وَأَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيَّيْنِ وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَجَابِر وَحُذَيْفَة وَبُرَيْدَة وَأَبِي أَيُّوب وَأَبِي أُمَامَة وَسَمُرَة بْن جُنْدُب وَأَبِي الْحَمْرَاء وَصُهَيْب الرُّومِيّ وَأُمّ هَانِئ وَعَائِشَة وَأَسْمَاء اِبْنَتَيْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مِنْهُمْ مَنْ سَاقَهُ بِطُولِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ اِخْتَصَرَهُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْمَسَانِيد وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِوَايَة بَعْضهمْ عَلَى شَرْط الصِّحَّة فَحَدِيث
435@@@

الصفحة 434