كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 10)

وَرَوَى أَبُو صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس " مِنْ الْمُسَحَّرِينَ " يَعْنِي مِنْ الْمَخْلُوقِينَ وَاسْتَشْهَدَ بَعْضهمْ عَلَى هَذَا بِقَوْلِ الشَّاعِر :
فَإِنْ تَسْأَلِينَا فِيمَ نَحْنُ فَإِنَّنَا ... عَصَافِير مِنْ هَذَا الْأَنَام الْمُسَحَّر
يَعْنِي الَّذِينَ لَهُمْ سَحَر وَالسَّحَر هُوَ الرِّئَة وَالْأَظْهَر فِي هَذَا قَوْل مُجَاهِد وَقَتَادَة أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا أَنْتَ فِي قَوْلك هَذَا مَسْحُور لَا عَقْل لَك .
مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154)
مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

ثُمَّ قَالُوا " مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَر مِثْلنَا " يَعْنِي فَكَيْف أُوحِيَ إِلَيْك دُوننَا كَمَا قَالُوا فِي الْآيَة الْأُخْرَى " أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْر مِنْ بَيْننَا بَلْ هُوَ كَذَّاب أَشِر سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنْ الْكَذَّاب الْأَشِر " ثُمَّ إِنَّهُمْ اِقْتَرَحُوا عَلَيْهِ آيَة يَأْتِيهِمْ بِهَا لِيَعْلَمُوا صِدْقه بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ رَبّهمْ وَقَدْ اِجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُخْرِج لَهُمْ الْآن مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَة نَاقَة عُشَرَاء - وَأَشَارُوا إِلَى صَخْرَة عِنْدهمْ - مِنْ صِفَتهَا كَذَا وَكَذَا فَعِنْد ذَلِكَ أَخَذَ عَلَيْهِمْ نَبِيّ اللَّه صَالِح الْعُهُود وَالْمَوَاثِيق لَئِنْ أَجَابَهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَتَّبِعُنَّهُ فَأَعْطَوْهُ ذَلِكَ فَقَامَ نَبِيّ اللَّه صَالِح عَلَيْهِ السَّلَام فَصَلَّى ثُمَّ دَعَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيبهُمْ إِلَى سُؤَالهمْ فَانْفَطَرَتْ تِلْكَ الصَّخْرَة الَّتِي أَشَارُوا إِلَيْهَا عَنْ نَاقَة عُشَرَاء عَلَى الصِّفَة الَّتِي وَصَفُوهَا فَآمَنَ بَعْضهمْ وَكَفَرَ أَكْثَرهمْ .
قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155)
قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ

يَعْنِي تَرِد مَاءَكُمْ يَوْمًا وَيَوْمًا تَرِدُونَهُ أَنْتُمْ .
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156)
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ

" وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذكُمْ عَذَاب يَوْم عَظِيم " فَحَذَّرَهُمْ نِقْمَة اللَّه إِنْ أَصَابُوهَا بِسُوءٍ فَمَكَثَتْ النَّاقَة بَيْن أَظْهُرهمْ حِينًا مِنْ الدَّهْر تَرِد الْمَاء وَتَأْكُل الْوَرَق وَالْمَرْعَى وَيَنْتَفِعُونَ بِلَبَنِهَا يَحْلِبُونَ مِنْهَا مَا يَكْفِيهِمْ شُرْبًا وَرِيًّا فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَد وَحَضَرَ أَشْقَاهُمْ تَمَالَئُوا عَلَى قَتْلهَا وَعَقْرهَا .
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157)
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ

" فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَاب " وَهُوَ أَنَّ أَرْضهمْ زُلْزِلَتْ زِلْزَالًا شَدِيدًا وَجَاءَتْهُمْ صَيْحَة عَظِيمَة اِقْتَلَعَتْ الْقُلُوب مِنْ مَحَالّهَا وَأَتَاهُمْ مِنْ الْأَمْر مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَأَصْبَحُوا فِي دِيَارهمْ جَاثِمِينَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم ".
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158)
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

" فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَاب " وَهُوَ أَنَّ أَرْضهمْ زُلْزِلَتْ زِلْزَالًا شَدِيدًا وَجَاءَتْهُمْ صَيْحَة عَظِيمَة اِقْتَلَعَتْ الْقُلُوب مِنْ مَحَالّهَا وَأَتَاهُمْ مِنْ الْأَمْر مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَأَصْبَحُوا فِي دِيَارهمْ جَاثِمِينَ " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم " .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159)
لا يوجد تفسير لهذه الأية
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160)
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ

يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَبْده وَرَسُوله لُوط عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ لُوط بْن هَارَان بْن آزَار
365@@@

الصفحة 364