كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 10)
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190)
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم " أَيْ الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِنْ الْكَافِرِينَ الرَّحِيم بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)
" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبّك لَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم " أَيْ الْعَزِيز فِي اِنْتِقَامه مِنْ الْكَافِرِينَ الرَّحِيم بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ .
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192)
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى عَبْده وَرَسُوله مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَإِنَّهُ " أَيْ الْقُرْآن الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْره فِي أَوَّل السُّورَة فِي قَوْله " وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث " الْآيَة " لَتَنْزِيل رَبّ الْعَالَمِينَ" أَيْ أَنْزَلَهُ اللَّه عَلَيْك وَأَوْحَاهُ إِلَيْك .
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)
" نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين" وَهُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَهُ غَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف : اِبْن عَبَّاس وَمُحَمَّد بْن كَعْب وَقَتَادَة وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَالسُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَالزُّهْرِيّ وَابْن جُرَيْج وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاع فِيهِ قَالَ الزُّهْرِيّ وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ " قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبك بِإِذْنِ اللَّه مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ " وَقَالَ مُجَاهِد : مَنْ كَلَّمَهُ الرُّوح الْأَمِين لَا تَأْكُلهُ الْأَرْض .
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)
" عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ " أَيْ نَزَلَ بِهِ مَلَك كَرِيم أَمِين ذُو مَكَانَة عِنْد اللَّه مُطَاع فِي الْمَلَأ الْأَعْلَى " عَلَى قَلْبك " يَا مُحَمَّد سَالِمًا مِنْ الدَّنَس وَالزِّيَادَة وَالنَّقْص " لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ" أَيْ لِتُنْذِرَ بِهِ بَأْس اللَّه وَنِقْمَته عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَكَذَّبَهُ وَتُبَشِّر بِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّبِعِينَ لَهُ .
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)
وَقَوْله تَعَالَى : " بِلِسَانٍ عَرَبِيّ مُبِين " أَيْ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك أَنْزَلْنَاهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ الْفَصِيح الْكَامِل الشَّامِل لِيَكُونَ بَيِّنًا وَاضِحًا ظَاهِرًا قَاطِعًا لِلْعُذْرِ مُقِيمًا لِلْحُجَّةِ دَلِيلًا إِلَى الْمَحَجَّة قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر الْعَتَكِيّ حَدَّثَنَا عَبَّاد بْن عَبَّاد الْمُهَلَّبِيّ عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّد عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابه فِي يَوْم دَجْن إِذْ قَالَ لَهُمْ " كَيْف تَرَوْنَ بَوَاسِقهَا ؟ " قَالُوا مَا
371@@@
الصفحة 370