كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 10)
فَقُلْ إِنِّي بَرِيء مِمَّا تَعْمَلُونَ" .
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217)
وَقَوْله تَعَالَى " وَتَوَكَّلَ عَلَى الْعَزِيز الرَّحِيم " أَيْ فِي جَمِيع أُمُورك فَإِنَّهُ مُؤَيِّدك وَحَافِظك وَنَاصِرك وَمُظَفِّرك وَمُعْلِي كَلِمَتك .
الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218)
وَقَوْله تَعَالَى " الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم " أَيْ هُوَ مُعْتَنٍ بِك كَمَا قَالَ تَعَالَى " فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك فَإِنَّك بِأَعْيُنِنَا " قَالَ اِبْن عَبَّاس " الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم " يَعْنِي إِلَى الصَّلَاة وَقَالَ عِكْرِمَة يَرَى قِيَامه وَرُكُوعه وَسُجُوده وَقَالَ الْحَسَن " الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم " إِذَا صَلَّيْت وَحْدك وَقَالَ الضَّحَّاك " الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم " أَيْ مِنْ فِرَاشك أَوْ مَجْلِسك وَقَالَ قَتَادَة " الَّذِي يَرَاك " قَائِمًا وَجَالِسًا وَعَلَى حَالَاتك .
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)
وَقَوْله تَعَالَى " وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ " قَالَ قَتَادَة " الَّذِي يَرَاك حِين تَقُوم وَتَقَلُّبك فِي السَّاجِدِينَ " قَالَ فِي الصَّلَاة يَرَاك وَحْدك وَيَرَاك فِي الْجَمْع وَهَذَا قَوْل عِكْرِمَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَقَالَ مُجَاهِد كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَى مِنْ خَلْفه كَمَا يَرَى مِنْ أَمَامه وَيَشْهَد لِهَذَا مَا صَحَّ فِي الْحَدِيث " سَوُّوا صُفُوفكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاء ظَهْرِي " وَرَوَى الْبَزَّار وَابْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة يَعْنِي تَقَلُّبه مِنْ صُلْب نَبِيّ إِلَى صُلْب نَبِيّ حَتَّى أَخْرَجَهُ نَبِيًّا .
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)
وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّهُ هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم " أَيْ السَّمِيع لِأَقْوَالِ عِبَاده الْعَلِيم بِحَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتهمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا تَكُون فِي شَأْن وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآن وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَل إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ " الْآيَة.
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221)
383@@@
الصفحة 382