كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 10)

وَجُيُوشه وَمَا سُخِّرَ لَهُ مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر وَقَدْ شَاهَدَتْ مِنْ قَضِيَّة الْكِتَاب مَعَ الْهُدْهُد أَمْرًا عَجِيبًا بَدِيعًا فَقَالَتْ لَهُمْ إِنِّي أَخْشَى أَنْ نُحَارِبهُ وَنَمْتَنِع عَلَيْهِ فَيَقْصِدنَا بِجُنُودِهِ وَيُهْلِكنَا بِمَنْ مَعَهُ وَيَخْلُص إِلَيَّ وَإِلَيْكُمْ الْهَلَاك وَالدَّمَار دُونَ غَيْرنَا .
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ

قَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْ إِذَا دَخَلُوا بَلَدًا عَنْوَة أَفْسَدُوهُ أَيْ خَرَّبُوهُ " وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة " أَيْ وَقَصَدُوا مَنْ فِيهَا مِنْ الْوُلَاة وَالْجُنُود فَأَهَانُوهُمْ غَايَة الْهَوَان إِمَّا بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْأَسْرِ قَالَ اِبْن عَبَّاس قَالَتْ بِلْقِيس" إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة " قَالَ الرَّبّ عَزَّ وَجَلَّ " وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ" ثُمَّ عَدَلَتْ إِلَى الْمُصَالَحَة وَالْمُهَادَنَة وَالْمُسَالَمَة وَالْمُخَادَعَة وَالْمُصَانَعَة .
وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)
وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ

أَيْ سَأَبْعَثُ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ تَلِيق بِمِثْلِهِ وَأَنْظُر مَاذَا يَكُون جَوَابه بَعْد ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ يَقْبَل ذَلِكَ مِنَّا وَيَكُفّ عَنَّا أَوْ يَضْرِب عَلَيْنَا خَرَاجًا نَحْمِلهُ إِلَيْهِ فِي كُلّ عَام وَنَلْتَزِم لَهُ بِذَلِكَ وَيَتْرُك قِتَالنَا وَمُحَارَبَتنَا قَالَ قَتَادَة رَحِمَهُ اللَّه : مَا كَانَ أَعْقَلهَا فِي إِسْلَامهَا وَشِرْكهَا عَلِمَتْ أَنَّ الْهَدِيَّة تَقَع مَوْقِعًا مِنْ النَّاس وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْر وَاحِد قَالَتْ لِقَوْمِهَا إِنْ قَبِلَ الْهَدِيَّة فَهُوَ مَلِك فَقَاتِلُوهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلهَا فَهُوَ نَبِيّ فَاتَّبِعُوهُ .
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)
فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ

ذَكَرَ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ السَّلَف وَغَيْرهمْ أَنَّهَا بَعَثَتْ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةِ عَظِيمَة مِنْ ذَهَب وَجَوَاهِر وَلَآلِئ وَغَيْر ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضهمْ أَرْسَلَتْ بِلَبِنَةٍ مِنْ ذَهَب وَالصَّحِيح أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِآنِيَّةٍ مِنْ ذَهَب : قَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَغَيْرهمَا أَرْسَلَتْ جِوَارِي فِي زِيّ الْغِلْمَان وَغِلْمَان فِي زِيّ الْجَوَارِي فَقَالَتْ إِنْ عَرَفَ هَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ نَبِيّ قَالُوا فَأَمَرَهُمْ سُلَيْمَان فَتَوَضَّئُوا فَجَعَلَتْ الْجَارِيَة تُفْرِغ عَلَى يَدهَا مِنْ الْمَاء وَجَعَلَ الْغُلَام يَغْتَرِف فَمَيَّزَهُمْ بِذَلِكَ
406@@@

الصفحة 405