كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 10)

َ ثِيَابهمْ يَعْلَم مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ " ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِم غَيْب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَنَّهُ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة وَهُوَ مَا غَابَ عَنْ الْعِبَاد وَمَا شَاهَدُوهُ .
وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)
وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

فَقَالَ تَعَالَى " وَمَا مِنْ غَائِبَة " قَالَ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي وَمَا مِنْ شَيْء " فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا فِي كِتَاب مُبِين" وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ " أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير " .
إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ كِتَابه الْعَزِيز وَمَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيَان وَالْفُرْقَان أَنَّهُ يَقُصّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل وَهُمْ حَمَلَة التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل " أَكْثَر الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ " كَاخْتِلَافِهِمْ فِي عِيسَى وَتَبَايُنهمْ فِيهِ فَالْيَهُود اِفْتَرَوْا وَالنَّصَارَى غَلَوْا فَجَاءَ الْقُرْآن بِالْقَوْلِ الْوَسَط الْحَقّ الْعَدْل أَنَّهُ عَبْد مِنْ عِبَاد اللَّه وَأَنْبِيَائِهِ وَرُسُله الْكِرَام عَلَيْهِ أَفْضَل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَمَا قَالَ تَعَالَى " ذَلِكَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم قَوْل الْحَقّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ " .
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77)
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ

أَيْ هُدَى لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَرَحْمَة لَهُمْ فِي الْعَمَلِيَّات .
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78)
إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ

" إِنَّ رَبّك يَقْضِي بَيْنهمْ " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة " بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيز " أَيْ فِي اِنْتِقَامه " الْعَلِيم " بِأَفْعَالِ عِبَاده وَأَقْوَالهمْ .
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ

" فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّه " أَيْ فِي جَمِيع أُمُورك وَبَلِّغْ رِسَالَة رَبّك " إِنَّك عَلَى الْحَقّ الْمُبِين " أَيْ أَنْتَ عَلَى الْحَقّ الْمُبِين وَإِنْ خَالَفَك مَنْ خَالَفَك مِمَّنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَة" حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة " .
إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)
إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ

أَيْ لَا تُسْمِعهُمْ شَيْئًا يَنْفَعهُمْ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ عَلَى قُلُوبهمْ غِشَاوَة وَفِي آذَانهمْ وَقْر الْكُفْر .
وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)
وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ

أَيْ إِنَّمَا يَسْتَجِيب لَك مَنْ هُوَ سَمِيع بَصِير السَّمْع
430@@@

الصفحة 429