كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 10)

يَعْلَم بِأَمْرِهِمْ فِي السَّاعَة الرَّاهِنَة " قَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَن إِنَّا مُنَجُّوك وَأَهْلك إِلَّا اِمْرَأَتك كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ " .
إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (34)
إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ

وَذَلِكَ أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام اِقْتَلَعَ قُرَاهُمْ مِنْ قَرَار الْأَرْض ثُمَّ رَفَعَهَا إِلَى عَنَان السَّمَاء ثُمَّ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ وَأَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ حِجَارَة مِنْ سِجِّيل مَنْضُود مُسَوَّمَة عِنْد رَبّك وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ وَجَعَلَ اللَّه مَكَانهَا بُحَيْرَة خَبِيثَة مُنْتِنَة وَجَعَلَهُمْ عِبْرَة إِلَى يَوْم التَّنَادِ وَهُمْ مِنْ أَشَدّ النَّاس عَذَابًا يَوْم الْمَعَاد .
وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)
وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَة بَيِّنَة" أَيْ وَاضِحَة " لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " .
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (36)
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ

يُخْبِر تَعَالَى عَنْ عَبْده وَرَسُوله شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّهُ أَنْذَرَ قَوْمه أَهْل مَدْيَن فَأَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَأَنْ يَخَافُوا بَأْس اللَّه وَنِقْمَته وَسَطْوَته يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ : " يَا قَوْم اُعْبُدُوا اللَّه وَارْجُوا الْيَوْم الْآخِر " قَالَ اِبْن جَرِير قَالَ بَعْضهمْ مَعْنَاهُ وَاخْشَوْا الْيَوْم الْآخِر وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّه وَالْيَوْم الْآخِر " وَقَوْله : " وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ " نَهَاهُمْ عَنْ الْعَيْث فِي الْأَرْض بِالْفَسَادِ وَهُوَ السَّعْي فِيهَا وَالْبَغْي عَلَى أَهْلهَا وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْقِصُونَ الْمِكْيَال وَالْمِيزَان وَيَقْطَعُونَ الطَّرِيق عَلَى النَّاس .
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (37)
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ

هَذَا مَعَ كُفْرهمْ بِاَللَّهِ وَرَسُوله فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه بِرَجْفَةٍ عَظِيمَة زَلْزَلَتْ عَلَيْهِمْ بِلَادهمْ وَصَيْحَة أَخْرَجَتْ الْقُلُوب مِنْ حَنَاجِرهَا .
وَعَذَاب يَوْم الظُّلَّة الَّذِي أَزْهَقَ الْأَرْوَاح مِنْ مُسْتَقَرّهَا إِنَّهُ كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم وَقَدْ تَقَدَّمَتْ قِصَّتهمْ مَبْسُوطَة فِي سُورَة الْأَعْرَاف وَهُود وَالشُّعَرَاء وَقَوْله : " فَأَصْبَحُوا فِي دَارهمْ جَاثِمِينَ" قَالَ قَتَادَة مَيِّتِينَ .
وَقَالَ غَيْره قَدْ أُلْقِيَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض .
وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38)
وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
511@@@

الصفحة 510