كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 11)
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابه وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ إِقَامِ الصَّلَاة وَالْإِنْفَاق مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي الْأَوْقَات الْمَشْرُوعَة لَيْلًا وَنَهَارًا سِرًّا وَعَلَانِيَة " يَرْجُونَ تِجَارَة لَنْ تَبُور " أَيْ يَرْجُونَ ثَوَابًا عِنْد اللَّه لَا بُدّ مِنْ حُصُوله كَمَا قَدَّمْنَا فِي أَوَّل التَّفْسِير عِنْد فَضَائِل الْقُرْآن أَنَّهُ يَقُول لِصَاحِبِهِ إِنَّ كُلّ تَاجِر مِنْ وَرَاء تِجَارَته وَإِنَّك الْيَوْم مِنْ وَرَاء كُلّ تِجَارَة .
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورهمْ وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله " أَيْ لِيُوَفِّيَهُمْ ثَوَاب مَا عَمِلُوهُ وَيُضَاعِفهُ لَهُمْ بِزِيَادَاتٍ لَمْ تَخْطِر لَهُمْ " إِنَّهُ غَفُور " أَيْ لِذُنُوبِهِمْ" شَكُور " لِلْقَلِيلِ مِنْ أَعْمَالهمْ .
قَالَ قَتَادَة كَانَ مُطَرِّف رَحِمَهُ اللَّه إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة يَقُول هَذِهِ آيَة الْقُرَّاء قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا حَيْوَةُ حَدَّثَنَا سَالِم بْن غَيْلَان قَالَ : إِنَّهُ سَمِعَ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْح يُحَدِّث عَنْ أَبِي الْهَيْثَم عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : إِنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " إِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا رَضِيَ عَنْ الْعَبْد أَثْنَى عَلَيْهِ بِسَبْعَةِ أَصْنَاف مِنْ الْخَيْر لَمْ يَعْمَلهُ وَإِذَا سَخِطَ عَلَى الْعَبْد أَثْنَى عَلَيْهِ بِسَبْعَةِ أَصْنَاف مِنْ الشَّرّ لَمْ يَعْمَلهُ " غَرِيب جِدًّا .
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ
322@@@
الصفحة 321