كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 12)
يَقُول تَعَالَى وَلَقَدْ اِخْتَبَرْنَا قَبْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَوْم فِرْعَوْن وَهُمْ قِبْط مِصْر " وَجَاءَهُمْ رَسُول كَرِيم " يَعْنِي مُوسَى كَلِيمه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام .
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18)
أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
" أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَاد اللَّه " كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيل وَلَا تُعَذِّبهُمْ قَدْ جِئْنَاك بِآيَةٍ مِنْ رَبّك وَالسَّلَام عَلَى مَنْ اِتَّبَعَ الْهُدَى " وَقَوْله جَلَّ وَعَلَا " إِنِّي لَكُمْ رَسُول أَمِين " أَيْ مَأْمُون عَلَى مَا أُبَلِّغكُمُوهُ .
وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19)
وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ
قَوْله تَعَالَى " وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّه " أَيْ لَا تَسْتَكْبِرُوا عَنْ اِتِّبَاع آيَاته وَالِانْقِيَاد لِحُجَجِهِ وَالْإِيمَان بِبَرَاهِينِهِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ " إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّم دَاخِرِينَ " " إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِين " أَيْ بِحُجَّةٍ ظَاهِرَة وَاضِحَة وَهِيَ مَا أَرْسَلَهُ اللَّه تَعَالَى بِهِ مِنْ الْآيَات الْبَيِّنَات وَالْأَدِلَّة الْقَاطِعَات.
وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20)
وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ
قَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَأَبُو صَالِح هُوَ الرَّجْم بِاللِّسَانِ وَهُوَ الشَّتْم وَقَالَ قَتَادَة الرَّجْم بِالْحِجَارَةِ أَيْ أَعُوذ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَنِي وَخَلَقَكُمْ مِنْ أَنْ تَصِلُوا إِلَيَّ بِسُوءٍ مِنْ قَوْل أَوْ فِعْل .
وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ
أَيْ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لِي وَدَعُوا الْأَمْر بَيْنِي وَبَيْنكُمْ مُسَالَمَة إِلَى أَنْ يَقْضِيَ اللَّه بَيْننَا فَلَمَّا طَالَ مَقَامه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَظْهُرهمْ وَأَقَامَ حُجَج اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمْ كُلّ ذَلِكَ وَمَا زَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَّا كُفْرًا وَعِنَادًا دَعَا رَبّه عَلَيْهِمْ دَعْوَة نَفَذَتْ فِيهِمْ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
342@@@
الصفحة 341