كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 12)
فَيَسْلُت مَا فِي بَطْنه مِنْ أَمْعَائِهِ حَتَّى تَمْرُق مِنْ كَعْبَيْهِ - أَعَاذَنَا اللَّه تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ .
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
قَوْله تَعَالَى " ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم " أَيْ قُولُوا لَهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْه التَّهَكُّم وَالتَّوْبِيخ وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْ لَسْت بِعَزِيزٍ وَلَا كَرِيم .
وَقَدْ قَالَ الْأُمَوِيّ فِي مَغَازِيه حَدَّثَنَا أَسْبَاط بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ عَنْ عِكْرِمَة قَالَ لَقِيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَهْل لَعَنَهُ اللَّه فَقَالَ " إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَقُول لَك أَوْلَى لَك فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَك فَأَوْلَى" قَالَ فَنَزَعَ ثَوْبه مِنْ يَده وَقَالَ مَا تَسْتَطِيع لِي أَنْتَ وَلَا صَاحِبك مِنْ شَيْء وَلَقَدْ عَلِمْت أَنِّي أَمْنَع أَهْل الْبَطْحَاء وَأَنَا الْعَزِيز الْكَرِيم قَالَ فَقَتَلَهُ اللَّه تَعَالَى يَوْم بَدْر وَأَذَلَّهُ وَعَيَّرَهُ بِكَلِمَتِهِ وَأَنْزَلَ " ذُقْ إِنَّك أَنْتَ الْعَزِيز الْكَرِيم " .
إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50)
إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ
قَوْله عَزَّ وَجَلَّ" إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى" يَوْم يُدَعُّونَ إِلَى نَار جَهَنَّم دَعًّا هَذِهِ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْر هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ" وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى هَهُنَا " إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ " .
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حَال الْأَشْقِيَاء عَطَفَ بِذِكْرِ السُّعَدَاء وَلِهَذَا سُمِّيَ الْقُرْآن مَثَانِي فَقَالَ " إِنَّ الْمُتَّقِينَ " أَيْ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا" فِي مَقَام أَمِين " أَيْ فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْجَنَّة قَدْ أَمِنُوا فِيهَا مِنْ الْمَوْت وَالْخُرُوج وَمِنْ كُلّ هَمّ وَحُزْن وَجَزَع وَتَعَب وَنَصَب وَمِنْ الشَّيْطَان وَكَيْده وَسَائِر الْآفَات وَالْمَصَائِب.
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52)
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
" فِي جَنَّات وَعُيُون " وَهَذَا فِي مُقَابَلَة مَا أُولَئِكَ فِيهِ مِنْ شَجَرَة الزَّقُّوم وَشُرْب الْحَمِيم .
353@@@
الصفحة 352