كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 13)
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حَال أَصْحَاب الْيَمِين عَطَفَ عَلَيْهِمْ بِذِكْرِ أَصْحَاب الشِّمَال فَقَالَ " وَأَصْحَاب الشِّمَال مَا أَصْحَاب الشِّمَال " أَيّ شَيْء هُمْ فِيهِ أَصْحَاب الشِّمَال ؟ .
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42)
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ
ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ " فِي سَمُوم" وَهُوَ الْهَوَاء الْحَارّ " وَحَمِيم " وَهُوَ الْمَاء الْحَارّ .
وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43)
وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ
" وَظِلّ مِنْ يَحْمُوم " قَالَ اِبْن عَبَّاس ظِلّ الدُّخَان وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَأَبُو صَالِح وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَغَيْرهمْ وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " اِنْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ اِنْطَلِقُوا إِلَى ظِلّ ذِي ثَلَاث شُعَب لَا ظَلِيل وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَب إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَة صُفْر وَيْل يَوْمئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ" وَلِهَذَا قَالَ " وَظِلّ مِنْ يَحْمُوم " وَهُوَ الدُّخَان الْأَسْوَد.
لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44)
لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ
أَيْ لَيْسَ طَيِّب الْهُبُوب وَلَا حَسَن الْمَنْظَر كَمَا قَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة " وَلَا كَرِيم " أَيْ وَلَا كَرِيم الْمَنْظَر وَقَالَ الضَّحَّاك كُلّ شَرَاب لَيْسَ بِعَذْبٍ فَلَيْسَ بِكَرِيمٍ وَقَالَ اِبْن جَرِير : الْعَرَب تَتْبَع هَذِهِ اللَّفْظَة فِي النَّفْي فَيَقُولُونَ هَذَا الطَّعَام لَيْسَ بِطَيِّبٍ وَلَا كَرِيم هَذَا اللَّحْم لَيْسَ بِطَيِّبٍ وَلَا كَرِيم هَذَا اللَّحْم لَيْسَ بِسَمِينٍ وَلَا كَرِيم وَهَذِهِ الدَّار لَيْسَتْ بِنَظِيفَةٍ وَلَا كَرِيمَة وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ قَتَادَة بِهِ نَحْوه ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى اِسْتِحْقَاقهمْ لِذَلِكَ.
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)
إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ
فَقَالَ تَعَالَى " إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْل ذَلِكَ مُتْرَفِينَ " أَيْ كَانُوا فِي الدَّار الدُّنْيَا مُنَعَّمِينَ مُقْبِلِينَ عَلَى لَذَّات أَنْفُسهمْ لَا يَلْوُونَ عَلَى مَا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُل .
وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46)
وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ
أَيْ يُقِيمُونَ وَلَا يَنْوُونَ تَوْبَة " عَلَى الْحِنْث الْعَظِيم
382@@@
الصفحة 381