كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 14)

وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك يَعْنِي جَمْع الْكُفَّار مِنْ الْعَدُوّ وَمُحْتَمَل أَنْ يَكُون فَوَسَطْنَ بِذَلِكَ الْمَكَان جَمِيعهنَّ وَيَكُون جَمْعًا مَنْصُوبًا عَلَى الْحَال الْمُؤَكِّدَة وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْر الْبَزَّار هَهُنَا حَدِيثًا غَرِيبًا جِدًّا فَقَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْدَة حَدَّثَنَا حَفْص بْن جُمَيْع حَدَّثَنَا سِمَاك عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا فَأَشْهَرَتْ شَهْرًا لَا يَأْتِيه مِنْهَا خَبَر فَنَزَلَتْ " وَالْعَادِيَات ضَبْحًا " ضَبَحَتْ بِأَرْجُلِهَا " فَالْمُورِيَات قَدْحًا " قَدَحَتْ بِحَوَافِرِهَا الْحِجَارَة فَأَوْرَتْ نَارًا " فَالْمُغِيرَات صُبْحًا " صَبَّحَتْ الْقَوْم بِغَارَةٍ " فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا " أَثَارَتْ بِحَوَافِرِهَا الشَّرَاب " فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا " قَالَ صَبَّحَتْ الْقَوْم جَمِيعًا .
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا

" فَالْمُورِيَات قَدْحًا " يَعْنِي اِصْطِكَاك نِعَالهَا لِلصَّخْرِ فَتَقْدَح مِنْهُ النَّار .
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا

يَعْنِي الْإِغَارَة وَقْت الصَّبَاح كَمَا كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغِير صَبَاحًا وَيَسْتَمِع الْأَذَان فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا وَإِلَّا أَغَارَ .
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا

يَعْنِي غُبَارًا فِي مَكَان مُعْتَرَك الْخُيُول .
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا

أَيْ تَوَسَّطْنَ ذَلِكَ الْمَكَان كُلّهنَّ جَمْع .
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ

هَذَا هُوَ الْمُقْسَم عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ بِنِعَمِ رَبّه لَكَفُور جَحُود قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد لِإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَأَبُو الْجَوْزَاء وَأَبُو الْعَالِيَة وَأَبُو الضُّحَى وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَمُحَمَّد بْن قَيْس وَالضَّحَّاك وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَابْن زَيْد : الْكَنُود الْكَفُور قَالَ الْحَسَن : الْكَنُود هُوَ الَّذِي يَعُدّ الْمَصَائِب وَيَنْسَى نِعَم اللَّه عَلَيْهِ .
وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه عَنْ إِسْرَائِيل عَنْ جَعْفَر بْن الزُّبَيْر عَنْ الْقَاسِم عَنْ أَبِي أُمَامَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود " قَالَ : الْكَنُود الَّذِي يَأْكُل وَحْده وَيَضْرِب عَبْده وَيَمْنَع رِفْده " رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق جَعْفَر بْن الزُّبَيْر وَهُوَ مَتْرُوك فَهَذَا إِسْنَاد ضَعِيف .
وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن جَرِير أَيْضًا مِنْ حَدِيث جَرِير اِبْن عُثْمَان عَنْ حَمْزَة بْن هَانِئ عَنْ أَبِي أُمَامَة مَوْفُوقًا .
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ

قَالَ قَتَادَة وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ وَإِنَّ اللَّه عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد وَيَحْتَمِل أَنْ يَعُود الضَّمِير عَلَى الْإِنْسَان قَالَهُ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ فَيَكُون تَقْدِيره وَإِنَّ
437@@@

الصفحة 436