كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 14)

الْإِنْسَان عَلَى كَوْنه كَنُودًا لَشَهِيد أَيْ بِلِسَانِ حَاله أَيْ ظَاهِر ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله كَمَا قَالَ تَعَالَى " مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ " .
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ

أَيْ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ وَهُوَ الْمَال لَشَدِيد وَفِيهِ مَذْهَبَانِ " أَحَدهمَا " أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنَّهُ لَشَدِيد الْمَحَبَّة لِلْمَالِ " وَالثَّانِي " وَإِنَّهُ لَحَرِيص بَخِيل مِنْ مَحَبَّة الْمَال وَكِلَاهُمَا صَحِيح .
ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُزَهِّدًا فِي الدُّنْيَا وَمُرَغِّبًا فِي الْآخِرَة وَمُنَبِّهًا عَلَى مَا هُوَ كَائِن بَعْد هَذِهِ الْحَال وَمَا يَسْتَقْبِلهُ الْإِنْسَان مِنْ الْأَهْوَال .
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ

أَيْ أُخْرِجَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَمْوَات .
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ

قَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره يَعْنِي أُبْرِزَ وَأُظْهِرَ مَا كَانُوا يُسِرُّونَ فِي نُفُوسهمْ .
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ

أَيْ لَعَالَمٌ بِجَمِيعِ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَيَعْمَلُونَ وَمُجَازِيهمْ عَلَيْهِ أَوْفَر الْجَزَاء وَلَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة .
آخِر تَفْسِير سُورَة الْعَادِيَات وَلِلَّهِ الْحَمْد وَالْمِنَّة
438@@@

الصفحة 437