كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 14)

وَقِيلَ مَعْنَاهُ فَأُمّه الَّتِي يَرْجِع إِلَيْهَا وَيَصِير فِي الْمَعَاد إِلَيْهَا هَاوِيَة وَهِيَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء النَّار قَالَ اِبْن جَرِير وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْهَاوِيَةِ أُمّه لِأَنَّهُ لَا مَأْوَى لَهُ غَيْرهَا .
وَقَالَ اِبْن زَيْد الْهَاوِيَة النَّار الَّتِي هِيَ أُمّه وَمَأْوَاهُ الَّتِي يَرْجِع إِلَيْهَا وَيَأْوِي إِلَيْهَا وَقَرَأَ " وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ قَالَ النَّار وَهِيَ مَأْوَاهُمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُفَسِّرًا لِلْهَاوِيَةِ.
وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ

" وَمَا أَدْرَاك مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ " قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا ثَوْر عَنْ مَعْمَر عَنْ الْأَشْعَث بْن عَبْد اللَّه الْأَعْمَى قَالَ : إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِن ذُهِبَ بِرُوحِهِ إِلَى أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُونَ رَوِّحُوا أَخَاكُمْ فَإِنَّهُ كَانَ فِي غَمّ الدُّنْيَا قَالَ وَيَسْأَلُونَهُ وَمَا فَعَلَ فُلَان ؟ فَيَقُول مَاتَ أَوَمَا جَاءَكُمْ فَيَقُولُونَ ذُهِبَ بِهِ إِلَى أُمّه الْهَاوِيَة وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق أَنَس بْن مَالِك مَرْفُوعًا بِأَبْسَط مِنْ هَذَا وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ فِي كِتَاب صِفَة النَّار - أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْهَا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ .
نَارٌ حَامِيَةٌ (11)
نَارٌ حَامِيَةٌ

وَقَوْله تَعَالَى " نَار حَامِيَة " أَيْ حَارَّة شَدِيدَة الْحَرّ قَوِيَّة اللَّهَب وَالسَّعِير قَالَ أَبُو مُصْعَب عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " نَار بَنِي آدَم الَّتِي تُوقِدُونَ جُزْء مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَار جَهَنَّم قَالُوا يَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَة ؟ فَقَالَ " إِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا " .
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أُوَيْس عَنْ مَالِك وَرَوَاهُ مُسْلِم عَنْ قُتَيْبَة عَنْ الْمُغِيرَة بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِي الزِّنَاد بِهِ وَفِي بَعْض أَلْفَاظه " أَنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلّهنَّ مِثْل حَرّهَا "
440@@@

الصفحة 439