كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 14)
تَنَكَّلُوا عَنْ بَطْن مَكَّة ... إِنَّهَا كَانَتْ قَدِيمًا لَا يُرَام حَرِيمُهَا
لَمْ تُخْلَق الشِّعْرَى لَيَالِيَ حُرِّمَتْ ... إِذْ لَا عَزِيز مِنْ الْأَنَام يَرُومهَا
سَائِل أَمِير الْجَيْش عَنْهَا مَا رَأَى ... فَلَسَوْفَ يُنْبِي الْجَاهِلِينَ عَلِيمُهَا
سِتُّونَ أَلْفًا لَمْ يَؤُبُوا أَرْضَهُمْ ... بَلْ لَمْ يَعِشْ بَعْد الْإِيَابِ سَقِيمُهَا
كَانَتْ بِهَا عَادٌ وَجُرْهُم قَبْلهمْ ... وَاَللَّهُ مِنْ فَوْق الْعِبَاد يُقِيمُهَا
وَقَالَ أَبُو قَيْس بْن الْأَسْلَت الْأَنْصَارِيّ الْمَدَنِيّ :
وَمِنْ صُنْعه يَوْم فِيل الْحُبُو ... ش إِذْ كُلّ مَا بَعَثُوهُ رُزِمْ
مَحَاجِنهمْ تَحْت أَقْرَابه ... وَقَدْ شَرَّمُوا أَنْفه فَانْخَرَمْ
وَقَدْ جَعَلُوا سَوْطه مِغْوَلًا ... إِذَا يَمَّمُوهُ قَفَاهُ كُلِمْ
فَوَلَّى وَأَدْبَرَ أَدْرَاجه ... وَقَدْ بَاءَ بِالظُّلْمِ مَنْ كَانَ ثَم
فَأَرْسَلَ مِنْ فَوْقهمْ حَاصِبًا ... يَلُفّهُمْ مِثْل لَفّ الْقَزَم
يَحُضّ عَلَى الصَّبْر أَحْبَارهمْ ... وَقَدْ ثَأَجُوا كَثُؤَاجِ الْغَنَم
.
وَقَالَ أَبُو الصَّلْت بْن رَبِيعَة الثَّقَفِيّ وَيُرْوَى لِأُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت بْن أَبِي رَبِيعَة :
إِنَّ آيَات رَبّنَا بَاقِيَات ... مَا يُمَارِي فِيهِنَّ إِلَّا الْكَفُور
خَلَقَ اللَّيْل وَالنَّهَار فَكُلّ ... مُسْتَبِين حِسَابه مَقْدُور
ثُمَّ يَجْلُو النَّهَار رَبٌّ رَحِيمٌ ... بِمَهَاةٍ شُعَاعهَا مَنْشُور
حُبِسَ الْفِيل بِالْمُغَمِّسِ حَتَّى ... صَارَ يَحْبُو كَأَنَّهُ مَعْقُور
لَازِمًا حَلْقه الْجِرَان كَمَا قَطَرَ ... مِنْ ظَهْر كَبْكَب مَحْذُور
حَوْله مِنْ مُلُوك كِنْدَة أَبْطَال ... مَلَاوِيث فِي الْحُرُوب صُقُور
خَلَّفُوهُ ثُمَّ ابْذَعَرُّوا جَمِيعًا ... كُلّهمْ عَظْم سَاقِهِ مَكْسُور
كُلّ دِين يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ... اللَّه إِلَّا دِين الْحَنِيفَة بُور
.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَطَلَّ يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَلَى الثَّنِيَّة الَّتِي تَهْبِط بِهِ عَلَى قُرَيْش بَرَكَتْ نَاقَته فَزَجَرُوهَا فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا خَلَأَتْ
464@@@
الصفحة 463