كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 14)

اللَّه أَكْبَر وَلَوْ رَأَيْتنَا يَا رَسُول اللَّه وَكُنَّا مَعْشَر قُرَيْش قَوْمًا نَغْلِب النِّسَاء فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَة وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ فَغَضِبْت عَلَى اِمْرَأَتِي يَوْمًا فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعنِي فَأَنْكَرْت أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ مَا تُنْكِر أَنْ أُرَاجِعَك ؟ فَوَاَللَّهِ إِنَّ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل فَقُلْت قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُنَّ وَخَسِرَتْ أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَب اللَّه عَلَيْهَا لِغَضَبِ
رَسُوله فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه قَدْ دَخَلْت عَلَى حَفْصَة فَقُلْت لَا يَغُرَّنَّكِ إِنْ كَانَتْ جَارَتك هِيَ أَوْسَم أَوْ أَحَبّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكِ فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَقُلْت أَسْتَأْنِس يَا رَسُول اللَّه ؟ قَالَ" نَعَمْ " فَجَلَسْت فَرَفَعْت رَأْسِي فِي الْبَيْت فَوَاَللَّهِ مَا رَأَيْت فِي الْبَيْت شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَر إِلَّا أُهَبًا مُقَامَة فَقُلْت اُدْعُ اللَّه يَا رَسُول اللَّه أَنْ يُوَسِّع عَلَى أُمَّتك فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِس وَالرُّوم وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّه فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ " أَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا اِبْن الْخَطَّاب ؟ أُولَئِكَ قَوْم عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا" فَقُلْت اِسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُول اللَّه وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لَا يَدْخُل عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّة مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى عَاتَبَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ طُرُق عَنْ الزُّهْرِيّ بِهِ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيث يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : مَكَثْت سَنَة أُرِيد أَنْ أَسْأَل عُمَر بْن الْخَطَّاب عَنْ آيَة فَمَا أَسْتَطِيع أَنْ أَسْأَلهُ هَيْبَة لَهُ حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجْت مَعَهُ فَلَمَّا رَجَعْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيق عَدَلَ إِلَى الْأَرَاك لِحَاجَةٍ لَهُ قَالَ فَوَقَفْت حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ سِرْت مَعَهُ فَقُلْت يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَنْ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟
55@@@

الصفحة 54