كتاب تفسير ابن كثير (قرطبة وأولاد الشيخ) (اسم الجزء: 14)

اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكُمْ وَالْمَعَاصِي إِنَّ الْعَبْد لَيُذْنِب الذَّنْب فَيُحْرَم بِهِ رِزْقًا قَدْ كَانَ هُيِّئَ لَهُ " ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِف مِنْ رَبّك وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ " قَدْ حُرِمُوا خَيْر جَنَّتهمْ بِذَنْبِهِمْ .
فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21)
فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ

أَيْ لَمَّا كَانَ وَقْت الصُّبْح نَادَى بَعْضهمْ بَعْضًا لِيَذْهَبُوا إِلَى الْجِذَاذ أَيْ الْقَطْع .
أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22)
أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ

أَيْ تُرِيدُونَ الصِّرَام .
فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)
فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ

قَالَ مُجَاهِد : كَانَ حَرْثهمْ عِنَبًا " فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ " أَيْ يَتَنَاجَوْنَ فِيمَا بَيْنهمْ بِحَيْثُ لَا يُسْمِعُونَ أَحَدًا كَلَامهمْ .
ثُمَّ فَسَّرَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عَالِم السِّرّ وَالنَّجْوَى مَا كَانُوا يَتَخَافَتُونَ بِهِ .
أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24)
أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ

فَقَالَ تَعَالَى" فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنهَا الْيَوْم عَلَيْكُمْ مِسْكِين " أَيْ يَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ لَا تُمَكِّنُوا الْيَوْم فَقِيرًا يَدْخُلهَا عَلَيْكُمْ .
وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25)
وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ

قَالَ تَعَالَى " وَغَدَوْا عَلَى حَرْد " أَيْ قُوَّة وَشِدَّة .
وَقَالَ مُجَاهِد " وَغَدَوْا عَلَى حَرْد " أَيْ جَدّ وَقَالَ عِكْرِمَة عَلَى غَيْظ وَقَالَ الشَّعْبِيّ" عَلَى حَرْد " عَلَى الْمَسَاكِين وَقَالَ السُّدِّيّ " عَلَى حَرْد" أَيْ كَانَ اِسْم قَرْيَتهمْ حَرْد فَأَبْعَدَ السُّدِّيّ فِي قَوْله هَذَا " قَادِرِينَ " أَيْ عَلَيْهَا فِيمَا يَزْعُمُونَ وَيَرُومُونَ.
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26)
فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ

أَيْ فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهَا وَأَشْرَفُوا عَلَيْهَا وَهِيَ عَلَى الْحَالَة الَّتِي قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَدْ اِسْتَحَالَتْ عَنْ تِلْكَ النَّضَارَة وَالزَّهْرَة وَكَثْرَة الثِّمَار إِلَى أَنْ صَارَتْ سَوْدَاء مُدْلَهِمَّة لَا يُنْتَفَع بِشَيْءٍ مِنْهَا فَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَئُوا الطَّرِيق وَلِهَذَا قَالُوا " إِنَّا لَضَالُّونَ " أَيْ قَدْ سَلَكْنَا إِلَيْهَا غَيْر الطَّرِيق فَتُهْنَا عَنْهَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره ثُمَّ رَجَعُوا عَمَّا كَانُوا فِيهِ وَتَيَقَّنُوا أَنَّهَا هِيَ فَقَالُوا" بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ " .
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27)
بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

أَيْ بَلْ هِيَ هَذِهِ وَلَكِنْ نَحْنُ لَا حَظّ لَنَا وَلَا نَصِيب .
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28)
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ

" قَالَ أَوْسَطهمْ " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعِكْرِمَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة أَيْ أَعْدَلهمْ وَخَيْرهمْ " أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ" قَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ وَابْن جُرَيْج " لَوْلَا تُسَبِّحُونَ" أَيْ لَوْلَا تَسْتَثْنُونَ .
قَالَ السُّدِّيّ وَكَانَ اِسْتِثْنَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان تَسْبِيحًا وَقَالَ اِبْن جَرِير هُوَ قَوْل الْقَائِل إِنْ شَاءَ اللَّه وَقِيلَ مَعْنَاهُ قَالَ أَوْسَطهمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ؟ أَيْ هَلَّا تُسَبِّحُونَ اللَّه وَتَشْكُرُونَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ .
قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)
قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ

أَتَوْا
97@@@

الصفحة 96