كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف

وأسرار خليقته وأفاض عَلَيْهِم هداياه وعطاياه علوما وأذواقا أَو كَمَا يَقُول الصوفيه أَخَذْتُم علمكُم مَيتا عَن ميت وأخذنا علمنَا من الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت
وَمن هَذَا الفناء جَاءَهُم الخلود وَبِهَذَا التخلق أَصْبحُوا ائمة يهْدُونَ إِلَى الله بأَمْره ويقفون حراسا على آيَاته ومشاهده مبشرين بكلماته متحدثين عَن حضراته داعين إِلَى محبته ومناجاته مترنمين فِي آفاقه وجدا وشوقا بتسبيحه وَذكره
يَقُول الْعَلامَة الإِمَام الكلاباذي واصفا لمقاماتهم وأحوالهم سبقت لَهُم من الله الْحسنى وألزمهم كلمة التَّقْوَى وعزف بنفوسهم عَن الدُّنْيَا صدقت مجاهداتهم فنالوا عُلُوم الدراسة وخلصت علها معاملاتهم فمنحوا عُلُوم الوراثه وصفت سرائرهم فأكرموا بِصدق الفراسة ثبتَتْ أَقْدَامهم وزكت أفهامهم أنارت أعلامهم فَهموا عَن الله وَسَارُوا إِلَى الله وأعرضوا عَمَّا سوى الله خرقت الْحجب أنوارهم وجالت حول الْعَرْش أسرارهم وجلت عِنْد ذِي الْعَرْش أخطارهم وعميت عَمَّا دون الْعَرْش ابصارهم فهم أجسام روحانيون وَفِي الارض سماويون وَمَعَ الْخلق ربانيون سكُوت نظار غيب حضار مُلُوك تَحت أطمار أنزاع قبائل وَأَصْحَاب فَضَائِل وأنوار دَلَائِل آذانهم واعيه وأسرارهم صَافِيَة ونعوتهم خافيه صفوية صوفيه نورية صَفيه ودائع الله بَين خليقته وصفوته فِي بريته ووصاياه لنَبيه وخباياه عِنْد صَفيه هم فِي حَيَاته أهل صفته وَبعد وَفَاته خِيَار أمته لم يزل يَدْعُو الأول الثَّانِي وَالسَّابِق التَّالِي بِلِسَان فعله أغناه ذَلِك عَن قَوْله
تِلْكَ لمحة عَن التصوف والصوفيه الَّذين رَأَتْ قُلُوبهم الله فَلم تمت قُلُوبهم بعد الْمُشَاهدَة بل خلدت تنبض بالحب وتقتات بِالذكر وتنعم بِالْهدى وَالرِّضَا وَترسل الشعاع الَّذِي ينير طَرِيق السالكين الى رَبهم

الصفحة 6