كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 2)
القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه وابو ثَوْرٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَحَكَاهُ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَالِكٌ مَعَهُمْ فَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ أَنَّ الْوَاوَ توجب الرتبة والجمع جميعا وحكىذلك بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْأُصُولِ لَهُ عن نحوى الْكُوفَةِ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَهِشَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي وَاوِ الْعَطْفِ إِنَّهَا تُوجِبُ الْجَمْعَ وَتَدُلُّ عَلَى تَقْدِمَةِ الْمُقَدَّمِ فِي قَوْلِهِمْ أَعْطِ زَيْدًا وَعَمْرًا قَالُوا وَذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي فَائِدَةِ الْخِطَابِ مَعَ الْجَمْعِ قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْوَاوُ تُوجِبُ الرُّتْبَةَ أَحْيَانًا وَلَا تُوجِبُهَا أَحْيَانًا وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ بَيَانِ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا زَعَمَ مُخَالِفُونَا لَكَانَ فِي بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ بِفِعْلِهِ مَا يُوجِبُهُ لِأَنَّهُ مُذْ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ مَاتَ لَمْ يَتَوَضَّأْ إِلَّا عَلَى التَّرْتِيبِ فَصَارَ ذَلِكَ فَرْضًا لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا احْتَمَلَ التَّأْوِيلُ مِنَ الْوُضُوءِ كَتَبْيِينِهِ عَدَدَ الصَّلَوَاتِ وَمِقْدَارَ الزَّكَوَاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ بَيَانِهِ لِلْفَرَائِضِ الْمُجْمَلَاتِ الَّتِي لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّهَا مَفْرُوضَاتٌ فَمَنْ تَوَضَّأَ عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُجِزْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَيْضًا وَقَدْ تَوَضَّأَ عَلَى التَّرْتِيبِ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إِلَّا بِهِ قَالُوا وَأَمَّا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُمَا لِأَنَّ حَدِيثَ عَلَيٍّ انفرد به عبد الله بن عمرو
الصفحة 82