كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 3)

أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ يُعْطِيهِ فَيُعَرِّفُهُ فَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ لَهُ بَالٌ فَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ جَمِيعًا قَالَ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَبَقَ الْآبِقُ أَوْ ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَلَمْ يُضَيِّعْ لَمْ يَضْمَنْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وَجَدَ آبِقًا إِنْ كَانَ لِجَارٍ أَوْ لِأَخٍ رَأَيْتُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَلَا يَقْرَبْهُ وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَرْكِ مَالٍ لِجَارِهِ أَوْ لِأَخِيهِ وَجُمْلَةُ مَذْهَبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ فِي سَعَةٍ إِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وإن شاء تركها هذا قول اسمعيل بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا جَعَلَهُ مَالِكٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْذِ الْآبِقِ وَالْحَيَوَانِ الضَّوَالِّ مِنَ الْمُؤَنِ وَلَمْ يُكَلِّفِ اللَّهُ عِبَادَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ فقد أحسن وليست اللقطة كذلك لأن المؤونة فِيهَا خَفِيفَةٌ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى غِذَاءٍ وَلَا اهْتِبَالِ حِرْزٍ وَلَا يُخْشَى غَائِلَتُهَا فَيُحْتَفَظُ مِنْهَا كَمَا يُصْنَعُ بِالْآبِقِ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي اللُّقَطَةِ إِنْ كَانَ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُعَرِّفَهُ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَأَمَّا ضَالَّةُ الْغَنَمِ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقْرَبَهَا إِلَّا أَنْ يَحُوزَهَا لصاحبها

الصفحة 109