كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 3)
يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنًا لَهُ مَاتَ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ نَاسٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةٌ وَلَا صَلَاةَ فِيهَا إِلَّا لِمَنْ شَاءَ وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ يَرَوْنَ صَلَاةَ كُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةً كُلٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ وَهُوَ قول إسحاق والطبري يخطب بعدالصلاة في الكسوف كالعيدين ولاستسقاء وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ وَفِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَبِهِ احْتَجَّ كُلُّ مَنْ رَأَى الْخُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا لَا خُطْبَةَ فِي الْكُسُوفِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَطَبَ النَّاسَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ خَطَبَهُمْ يُعَرِّفُهُمْ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرَيَانِ الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ وَلَا عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدَةِ وَرَآهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ
الصفحة 317