كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 3)

قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال توضؤا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ وَتَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَذَهَبَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السلام توضئوا مما مست (النار أنه) (أ) عَنَى بِهِ غَسْلَ الْيَدِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مَأْخُوذٌ من الوضاءة وهي النظافة فكأنه قال فنطفوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ غَمْرِ مَا مَسَّتِ النَّارُ وَمِنْ دَسَمِ مَا مَسَّتِ النَّارُ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ لَكَانَ دَسَمُ مَا لَمْ تَسِمْهُ النَّارُ وَوَدَكُ مَا لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ لَا يَتَنَظَّفُ مِنْهُ وَلَا تُغْسَلُ مِنْهُ الْيَدُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ عِنْدَ ذِي لُبٍّ وَتَأْوِيلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ نَظَرِهِ وَقِلَّةِ عِلْمِهِ بِمَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ أَمْرٌ مِنْهُ بِالْوُضُوءِ الْمَعْهُودِ لِلصَّلَاةِ لِمَنْ أَكَلَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ وَذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (وَعِنْدَ جَمَاعَةِ ائمة الفقهاء) (ب) مَنْسُوخٌ بِأَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مَسَّتْهُ النَّارُ وَصَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يُحْدَثَ وُضُوءًا فَاسْتَدَلَّ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ بِالْوُضُوءِ مِمَّا

الصفحة 330