كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 3)

وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ عَرَفَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ وَرَوَى الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ قوله صلى الله عليه وسلم توضأوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ نَاسِخٌ لِفِعْلِهِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَمِثْلِهِ وَهَذَا مِمَّا غَلَطَ فِيهِ الزُّهْرِيُّ مَعَ سِعَةِ عِلْمِهِ وَقَدْ نَاظَرَهُ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا كَيْفَ يَذْهَبُ النَّاسِخُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فَأَجَابَهُمْ بِأَنْ قَالَ أَعْيَى الْفُقَهَاءُ أَنْ يَعْرِفُوا نَاسِخَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْسُوخِهِ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ أَعْيَى الْفُقَهَاءَ وَأَعْجَزَهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا نَاسِخَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنْسُوخِهِ وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَهُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم توضؤوا مما غيرت النار) (أ) وَجَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْبَابِ نَحْوُ مَذْهَبِ ابْنِ شِهَابٍ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مِمَّنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ فَمَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَصَلَّى فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ ابْنِ شِهَابٍ فِي ذَلِكَ

الصفحة 332